كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
منها ما رواه أبو عمر ابن عبد البر بسنده عن زر بن حبيش قال : جلس رجلان يتغذيان ، مع أحدهما خمسة أرغفة ، ومع الآخر ثلاثة أرغفة ، فلما وضعا الغذاء بين أيديهما مر بهما رجل ، فسلم ، فقالا له : اجلس للغداء .
فجلس وأكل معهما ، واستوفوا في أكلهم الأرغفة الثمانية ، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم ، وقال خذا هذه عوضاً مما أكلت لكما ونلته من طعامكما . فتنازعا ، وقال صاحب الخمسة أرغفة : لي خمسة دراهم ولك ثلاثة .
فقال صاحب الأرغفة الثلاثة : لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين .
فارتفعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فقصا عليه قصتهما ، فقال لصاحب الثلاثة الأرغفة : قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك فارض بالثلاثة .
فقال : لا والله لا رضيت منه إلا بمر الحق .
فقال علي : ليس لك في مر الحق إلا درهمٌ واحد وله سبعة .
فقال الرجل : " سبحان الله يا أمير المؤمنين هو يعرض علي ثلاثة فلم أرض وأشرت علي بأخذها فلم أرض ، وتقول لي الآن : إنه لا يجب لك إلا درهمٌ واحد " فقال له علي : " عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحاً ، فقلت : لا أرضى إلا بمر الحق ، ولا يجب لك في مر الحق إلا واحد . " فقال : " أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثاً ؟ أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس ، ولا نعلم الأكثر منكم أكلاً ولا الأقل ، فتحملون في أكلكم على السواء . " قال : بلى . قال : فأكلت أنت الثمانية أثلاث ، وإنما لك تسعة أثلاث ، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث ، وله خمسة عشر ثلثا ، أكل منها ثمانية وتبقى له سبعة ، وأكل لك واحداً من تسعة ، فلك واحدٌ بواحدك ، وله سبعة بسبعته .
فقال له الرجل : رضيت الآن .
وأتته امرأةٌ وهو على المنبر فقالت : ترك أخي ستمائة دينار وأعطيت ديناراً وتظلمت من ذلك فقال : لعل أخاك ترك زوجةً وأماً وبنتين واثني عشر أخاً وأنت .
قالت : نعم . فقال : قد استوفيت حقك .
وهذه المسألة مشهورة مسطورة في كتب الفقه ، وتسمى " الدينارية " و " المنبرية " .
وهو - رضي الله عنه ممن جمع القرآن على عهد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، هو وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وسالمٌ مولى أبي حذيفة بن عتبة بي ربيعة .

الصفحة 7