كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 74 """"""
أهل الكوفة والبصرة ، وأكثر من معه من أهل المدينة الأنصار ، ومعه عدد من خزاعة وكنانة وغيرهم من أهل المدينة .
وزحف علي رضي الله عنه بهم إلى أهل الشام ، ورفع معاوية قبة عظيمة ، وألقى عليها الثياب ، وبايعه أكثر أهل الشام على الموت ، وأحاط بقبته خيل دمشق ، وزحف عبد الله بن بديل في الميمنة نحو حبيب بن مسلمة وهو في الميسرة ، فلم يزل يحوزهم ويكشف خيلهم حتى اضطرهم إلى قبة معاوية عند الظهر .
وحرض عبد الله بن بديل أصحابه ، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي عليه الصلاة والسلام : ألا إن معاوية ادعى ما ليس له ، ونازع الحق أهله ، وعاند من ليس مثله ، وجادل بالباطل ليدحض به الحق ، وصال عليكم ، بالأعراب والأحزاب الذين زين لهم الضلالة ، وزرع في قلوبهم حب الفتنة ، ولبس عليهم الأمر ، وزادهم رجساً إلى رجسهم ، وأنتم والله على الحق ، على نور من ربكم وبرهان مبين ، فقاتلوا الطغاة الجفاة " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين " ، قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله ، وقد قاتلتموهم مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فوالله ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبر ، قوموا إلى عدو الله وعدوكم رحمكم الله .
وقال الشعبي : كان عبد الله بن بديل رحمه الله في صفين عليه درعان وسيفان ، وكان يضرب أهل الشام ويقول :
لم يبق إلا الصبر والتوكل . . . مع التمشي في الرعيل الأول
مشى الجمال في حياض المنهل . . . والله يقضي ما يشاء ويفعل
ولم يزل يضرب بسيفه حتى انتهى إلى معاوية فأزاله عن موقفه وأزال أصحابه الذين كانوا معه . وسنذكر خبر مقتله في هذا اليوم في موضعه إن شاء الله تعالى .

الصفحة 74