كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 77 """"""
ويقدمها في الموت حتّى يزيرها . . . حياض المنايا تقطر الموت والدّما
أذقنا ابن حرب طعننا وضرابنا . . . بأسيافنا حتّى تولّى وأحجما
جز الله قوماً صابروا في لقائهم . . . لدى الموت قوماً ما أعفّ وأكرما
وأطيب أخباراً وأكرم شيمةً . . . إذا كان أصوات الرّجال تغمغما
ربيعة أعني أهل بأسٍ ونجدة . . . إذا ما همو لاقوا خميساً عرمرما
قال : ومر الأشتر بعلي وهو يقصد الميسرة ، والأشتر يركض نحو الفزع قبل الميمنة ، فقال له علي : إيت هؤلاء القوم فقل لهم " أين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه إلى الحياة التي لا تبقى لكم ؟ " . فمضى الأشتر فاستقبل الناس منهزمين ، فقال لهم ما قال علي ، ثم قال : " أيها الناس أنا الأشتر ، إلي أنا الأشتر ، إلي أنا الأشتر " ، فأقبل إليه بعضهم وذهب البعض ، فنادى : " أيها الناس ، ما أقبح ما قاتلتم منذ اليوم أخلصوا إلي مذحجا " فأقبلت مذحج إليه ، فقال لهم : " ما أرضيتم ربكم ، ولا نصحتم له في عدوكم ، وكيف ذلك وأنتم أبناء الحرب ، وأصحاب الغارات ، وفتيان الصياح ، وفرسان الطراد ، وحتوف الأقران ، ومذحج الطعان الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ، ولا تطل دماؤهم ، وما تفعلون هذا اليوم فإنه مأثور عنكم بعده ، فانصحوا واصدقوا عدوكم اللقاء ، فإن الله مع الصادقين ، والذي نفسي ما من هؤلاء - وأشار إلى أهل الشام - رجل على مثل جناح بعوضة من محمد ، اجلوا سواد وجهي يرجع فيه دمه ، عليكم بهذا السواد الأعظم ، فإن الله لو قد فضه تبعه من بجانبيه " .
قالوا : تجدنا حيث أحببت . فقصد نحو عظمهم مما يلي الميمنة يزحف إليهم ويردهم .
واستقبله شباب من همدان ، وكانوا ثمانمائة مقاتل يومئذ ، وكانوا صبروا في الميمنة حتى أصبب منهم ثمانون ومائة رجل ، وقتل منهم أحد عشر رئيساً : كان أولهم

الصفحة 77