كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 78 """"""
ذؤيب بن شريح ، ثم شرحبيل ، ثم مرثد ، ثم هبيرة ، ثم يريم ، ثم سمير ، أولاد شريح قتلوا ، ثم أخذ الراية عميرة ثم الحارث ابنا بشير فقتلا ، ثم أخذها سفيان وعبد الله وبكر بنو زيد فقتلوا جميعاً ، ثم أخذ الراية وهب بن كريب فانصرف هو وقومه وهم يقولون : " ليت لنا عدتنا من العرب ، يحالفوننا على الموت ، ثم نرجع ، فلا ننصرف أو نقتل أو نظفر " ، فسمعهم الأشتر فقال لهم : أنا أحالفكم على ألا نرجع أبداً حتى نظفر أو نهلك جميعاً فوقفوا معه .
قال : وزحف الأشتر نحو الميمنة ، وثاب إليه الناس وتراجعوا من أهل البصرة وغيرهم ، فلم يقصد كتيبة إلا كشفها ، ولا جمعاً إلا حازه ورده ، وقاتل قتالاً شديداً ، ولزمه الحارث بن جمهان الجعفي ، فما زال هو ومن رجع إليه يقاتلون حتى كشف أهل الشام ، وألحقهم بمعاوية والصف الذي معه ، وذلك بين صلاة العصر والمغرب ، وانتهى إلى عبد الله بن بديل بن ورقاء وهو في عصابة من القراء نحو المائتين أو الثلاثمائة قد لصقوا بالأرض كأنهم جثاً ، فكشف عنهم أهل الشام فأبصروا إخوانهم ، فقالوا : ما فعل أمير المؤمنين قال : حيٌ صالح في المسيرة يقاتل الناس أمامه . فقالوا : الحمد لله قد كنا ظننا أن قد هلك وهلكتم .
ثم قال عبد الله بن رحمه الله لأصحابه : استقدموا بنا .
فقال له الأشتر : " لا تفعل ، واثبت مع الناس ، فقاتل ، فإن خيرٌ لهم وأبقى لك ولأصحابك " ، فأبى ، ومضى نحو معاوية وحوله كأمثال الجبال ، وخرج عبد الله أمام أصحابه فقتل من دنا منه ، حتى قتل الجماعة ، ودنا من معاوية ، فنهض إليه الناس من كل جانب ، وأحيط به وبطائفة من أصحابه ، فقاتل حتى قتل ، وقتل ناسٌ من أصحابه ، ورجعت طائفة منهم مجرحين ، فبعث الأشتر الحارث بن جهمان الجعفي ، فحمل على أهل الشام الذين يتبعون من انهزم من أصحاب عبد الله ، حتى نفسوا عنهم ، وانتهوا إلى الأشتر .
وحكى أبو عمر ابن عبد البر عن الشعبي في قتل عبد الله : أنه لما انتهى إلى معاوية أزاله وأزال أصحابه عن مواقفهم ، وكان مع معاوية يومئذ عبد الله بن عامر ، فأقبل أصحاب معاوية على عبد الله بن بديل يرجمونه بالحجارة حتى أثخنوه ، وقتل ، فأقبل معاوية وعبد الله بن عامر معه ، فألقى عليه ابن عامر عمامته غطى بها وجهه ،

الصفحة 78