كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 81 """"""
قال : وخرجت حمير في جمعها ومن انضم إليها من أهل الشام ، وتقدمهم ذو الكلاع ، ومعهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب وهم ميمنة أهل الشام ، فقصدوا ربيعة من أهل العراق ، وكانت ربيعة ميسرة أهل العراق ، وفيهم ابن عباس ، فحملوا على ربيعة حملةً شديدة ، فتضعضعت راية ربيعة ، وكانت الراية مع أبي ساسان حضين بن المنذر ، فانصرف أهل الشام عنهم ، ثم كر عبيد الله بن عمر وقال : يا أهل الشام ، إن هذا الحي من أهل العراق قتلة عثمان وأنصار علي ، فشدوا على الناس شدة عظيمة ، فثبتت ربيعة وصبرت صبراً حسناً إلا قليلاً من الضعفاء والفشلة ، وثبت أهل الرايات وأهل الصبر والحفاظ وقاتلوا قتالاً حسناً ، ثم تراجع من انهزم من ربيعة ، واشتد القتال حتى كثرت القتلى ، فقتل سمير بن الريان العجلي ، وكان شديد البأس ، وأتى زياد بن خصفة عبد القيس فأعلمهم بما لقيت بكر بن وائل من حمير ، وقال : يا عبد القيس لا بكر بعد اليوم فقاتلوا معهم ، فقتل ذوا الكلاع الحميري وعبيد الله بن عمر بن الخطاب ، وجرح عمار ابن ياسر فقال : " اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أضع ظبة سيفي في بطني ثم أنحني عليها حتى تخرج من ظهري لفعلته وإني لا أعلم اليوم عملاً هو أرضى إليك من جهاد هؤلاء الفاسقين ، ولو أعلم عملاً هو أرضى لك منه لفعلته والله إني لأرى قوماً ليضربنكم ضرباً يرتاب منه المبطلون ، وايم الله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أننا على الحق وأنهم على الباطل " ثم قال : " من يبتغي رضوان ربه فلا يرجع إلى مالٍ ولا ولد " فأتاه عصابة فقال : " اقصدوا بنا هؤلاء القوم الذين يطلبون دم عثمان ، والله ما أرادوا الطلب بدمه ، ولكنهم ذاقوا الدنيا واستحبوها ، وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه منها ، ولم تكن لهم سابقة يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم ، فخدوا أتباعهم أن قالوا : إمامنا قتل مظلوماً ، ليكونوا بذلك جبارة ملوكاً ، فبلغوا ما ترون ، ولولا هذه ما تبعهم من الناس رجلان ، اللهم إن تنصرنا فطال ما نصرت ، وإن جعلت لهم الأمر فادخر لهم بما أحدثوا في عبادك العذاب الأليم " ثم

الصفحة 81