كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 82 """"""
مضى ومعه تلك العصابة ، فكان لا يمر بوادٍ من أودية صفين إلا تبعه من كان هناك من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
ثم جاء إلى هاشم بن عتبة بن أبي وقاص - وهو المرقال - وكان صاحب راية علي رضي الله عنه ، فقال : " يا هاشم ، أعوراً وجبناً " لا خير في أعور لا يغشىالبأس ، اركب يا هاشم " .
فركب معه وهو يقول .
أعور يبغي أهله محلاّ . . . قد عالج الحياة حتّى ملاّ
لا بدّ أن يفلّ أو يفلاّ . . . يتلّهم بذي الكعوب تلاّ
وعمار يقول : " تقدم يا هاشم ، الجنة تحت ظلال السيوف ، والموت في أطراف الأسل ، وقد فتحت أبواب السماء ، وتزينت الحور العين ، اليوم ألقى الأحبه ، محمداً وحزبه " وتقدم حتى دنا من عمرو بن العاص ، فقال له : " يا عمرو ، بعت دينك بمصر تباً لك تباً لك " فقال : لا ولكن أطلب دم عثمان . قال : " أشهد على علمي فيك إنك لا تطلب بشيء من فعلك وجه الله ، وأنك إن لم تقتل اليوم تمت غداً ، فانظر إذا أعطي الناس على نياتهم ما نيتك ؟ لقد قاتلت صاحب هذه الراية ثلاثاً مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهذه الرابعة ما هي بأبر ولا أتقى " .
ثم قاتل عمار فلم يرجع ، وقتل ، وقال قبل أن يقتل : إيتوني بآخر زرقٍ لي من الدنيا فأتي بضياحٍ من لبنٍ في قدح ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " تقتل عمار الفئة الباغية ، وإن آخر رزقه ضياحٌ من لبن " والضياح ؛ الممزوج بالماء من اللبن .

الصفحة 82