كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 83 """"""
قال : وقتلة أبو الغادية ، واحتز رأسه ابن حوى السكسكي ، وقد كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لعمار " تقتلك الفئة الباغية وآخر شربةٍ تشربها ضياحٌ من لبن " .
فكان ذو الكلاع يقول لعمرو : ما هذا ويحك يا عمرو فيقول إنه يرجع إلينا ، فقتل ذو الكلاع قبل عمار مع معاوية ، وأصيب عمار بعده مع علي ، فقال عمرو لمعاوية : " والله ما أدري بقتل أيهما أنا أِشد فرحاً : بقتل عمار أو بقتل ذي الكلاع ، والله لو بقي بعد قتل عمارٍ لمال بعامة أهل الشام إلى علي " . فأتى جماعة إلى معاوية ، كلهم يقول : " أنا قتلت عمارا " فيقول عمرو : فما سمعته يقول ؟ فيخلطون ، فأتاه ابن حوى فقال : أنا قتلته فسمعته يقول " اليوم ألقى الأحبة ، محمداً وحزبه " .
فقال له عمرو : أنت صاحبه . ثم قال " رويداً ، والله ما ظفرت يداك ، ولقد أسخطت ربك " .
وقيل : إن أبا الغادية قتل عماراً وعاش إلى زمن الحجاج ، فدخل عليه ، فأكرمه الحجاج وقال : أنت قتلت ابن سمية ؟ يعني عماراً قال : نعم . قال : من سره أن ينظر إلى عظيم الباع يوم القيامة فلينظر إلى هذا الذي قتل ابن سمية .
ثم سأله أبو الغادية حاجةً فلم يجبه إليها ، فقال : نوطئ لهم الدنيا ولا يصلونا منها ويزعم أني عظيم الباع يوم القيامة فقال الحجاج : أجل والله من كان ضرسه مثل أحدٍ ، وفخذه مثل جبل ورقان ، ومجلسه مثل المدينة والربذة ، لعظيم الباع يوم القيامة ، والله لو أن عماراً قتله أهل الأرض لدخلوا كلهم النار .
وقال أبو عبد الرحمن السلمي : لما قتل عمار دخلت عسكر معاوية لأنظر هل بلغ منهم قتل عمار ما بلغ منا - وكنا إذا تركنا القتال تحدثوا إلينا وتحدثنا إليهم - فإذا معاوية وعمرو وأبو الأعور وعبد الله بن عمرو يتسايرون ، فأدخلت فرسي بينهم لئلا يفوتني ما يقولون ، فقال عبد الله بن عمرو لأبيه : يا أبت قتلتم هذا الرجل في يومكم هذا وقد قال رسول الله ما قال قال وما قال ؟ قال : ألم يكن المسلمون ينقلون في بناء مسجد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لبنةً لبنةً وعمار ينقل لبنتين لبنتين ؟ فغشي عليه ، فأتاه رسول الله

الصفحة 83