كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 84 """"""
عليه الصلاة والسلام ، فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول " ويحك يا ابن سمية الناس ينقلون لبنةً لبنةً ، وأنت تنقل لبنتين لبنتين رغبةً في الأجر ، وأنت مع ذلك تقتلك الفئة الباغية " . فقال عمرو لمعاوية : أما تسمع ما يقول عبد الله ؟ قال : وما يقول ؟ فأخبره ، فقال معاوية : أنحن قتلناه ؟ إنما قتله من جاء به قال فخرج الناس من أخبيتهم وفساطيطهم يقولون . إنما قتله من جاء به . فلا أدري من كان أعجب ؟ : أهو أم هم ؟ .
قال : ولما قتل عمار قال علي رضي الله عنه لربيعة : أنتم درعي ورمحي .
فانتدب إليه نحو من اثني عشر ألفاً ، وتقدمهم علي على بغلة ، فحملوا معه حملة رجل واحد ، فلم يبق لأهل الشام صفٌ إلا انتقص ، وقتلوا كل من انتهوا إليه ، حتى بلغوا معاوية ، فناداه علي : فقال علام يقتل الناس بيننا ؟ هلم أحاكمك إلى الله ، فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور .
فقال عمرو : أنصفك . فقال معاوية لعمرو : ما أنصفت ، إنك لتعلم أنه لم يبرز إليه أحدٌ إلا قتله . فقال عمرو ما يحسن بك ترك مبارزته ، فقال معاوية : طمعت فيها بعدي .
قال : وكان أصحاب علي قد وكلوا به رجلين يحفظانه ، لئلا يقاتل ، فكان يحمل إذا غفلا فلا يرجع حتى يخضب سيفه ، وإنه حمل مرة فلم يرجع حتى انثنى سيفه ، فألقاه إليهم ، وقال : لولا أنه انثنى ما رجعت إليكم . فقال الأعمش لأبي عبد الرحمن : هذا والله ضرب غير مرتاب .
قال : وأما هاشم بن عتبة بن أبي وقاص فإنه دعا الناس عند المساء وقال : ألا من كان يريد الله والدار الآخرة فإلي . فأقبل إليه الناس ، فحمل على أهل الشام مراراً ، ويصبرون له ، وقاتل قتالاً شديداً وقال لأصحابه : " لا يهولنكم ما ترون من صبرهم ، فوالله ما هو إلا حمية العرب وصبرها تحت راياتها ، وإنهم لعلى الضلال وإنكم لعلى الحق " ثم حرض أصحابه ، وحمل في عصابة من القراء وقاتل قتالاً شديداً ، فقتل يومئذٍ تسعةً أو عشرة ، وحمل عليه الحارث بن المنذر التنوخي ، فطعنه فسقط ، وأرسل إليه علي : أن قدم لواءك ، فقال لرسوله : انظر إلى بطني فنظر إليه ، فإذا هو قد انشق

الصفحة 84