كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 86 """"""
يزحف بالميمنة ، وكان قد تولاها عشية الخميس وليلة الجمعة إلى ارتفاع الضحى ، وهو يقول لأصحابه : ازحفوا قيد هذا الرمح .
ويزحف بهم نحو أهل الشام ، فإذا فعل ذلك بهم قال : ازحفوا قيد هذا القوس . فإذا فعلوه سألهم مثل ذلك ، حتى مل أكثر الناس الإقدام ، فلما رأى الأشتر ذلك دعا بفرسه فركبه وترك رايته مه حيان بن هوذة النخعي ، وخرج يسير في الكتائب ويقول : من يشري نفسه ويقاتل مع الأشتر حتى يظهر أو يلحق بالله ؟ فاجتمع إليه جمع كثير ، فيهم حيان بن هوذة النخعي وغيره ، فرجع بهم إلى المكان الذي كان فيه ، وقال لهم : " شدوا شدة - فدىً لكم خالي وعمي - ترضون بها الرب ، وتعزون بها الدين " ثم نزل فضرب وجه دابته ، وقال لصاحب رايته : أقدم بها .
وحمل بالقوم فضرب أهل الشام حتى انتهى بهم إلى عسكرهم ، فقاتلوه عند العسكر قتالاً شديداً ، وقتل صاحب رايته ، فلما رأى علي الظفر من ناحيته أمده بالرجال .
فقال عمرو لوردان : تدري ما مثلي ومثلك ومثل الأشتر ؟ قال : لا . قال " كالأشقر إن تقدم عقر وإن تأخر عقر ؟ لئن تأخرت لأضربن عنقك " قال : أما والله يا أبا عبد الله لأوردنك حياض الموت ضع يدك على عاتقي . ثم جعل يتقدم ويتقدم ويقول : والله لأوردنك حياض الموت . واشتد القتال .
فلما رأى عمرو أن أمر أهل العراق قد اشتد ، وخاف الهلاك ، قال لمعاوية : هل لك في أمرٍ أعرضه عليك لا يزيدنا إلا اجتماعاً ولا يزيدهم إلا فرقة ؟ قال : نعم . قال : " نرفع المصاحف ، ثم نقول لما فيها هذا حكم الله بيننا وبينكم ، فإن أبى بعضهم أن يقبلها وجدت فيهم من يقول : ينبغي لنا أن نقبل . فتكون فرقة بينهم ، فإن قبلوا ما فيها رفعنا القتال عنا إلى أجل " .
ذكر رفع أهل الشام المصاحف وما تقرر من أمر التحكيم وكتاب القضية
قال : ولما أشار عمرو بن العاص على معاوية برفع المصاحف أمر برفعها ، فرفعت بالرماح ، وقال : " هذا كتاب الله بيننا وبينكم ، من لثغور الشام بعد أهله ؟ من لثغور العراق بعد أهله ؟ " .
فلما رآها الناس قالوا : نجيب إلى كتاب الله فقال لهم علي رضي الله عنه :

الصفحة 86