كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 87 """"""
" عباد الله ، امضوا على حقكم وصدقكم قتال عدوكم ، فإن معاوية وعمراً وابن أبي معيط وحبيباً وابن أبي سرح والضحاك ليسوا بأصحاب دينٍ ولا قرآن ، أنا أعرف بهم منكم ، قد صحبتهم أطفالاً ثم رجالاً ، فكانوا شر أطفالٍ وشر رجال ويحكم والله ما رفعوها إلا خديعةً ووهناً ومكيدة " فقالوا له : لا يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله فنأبى أن نقبله فقال لهم علي رضي الله عنه : " فإني إنما أقاتلهم ليدينوا بحكم الله ، فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم ، ونسوا عهده ، ونبذوا كتابه " . فقال معسر بن فدكي التميمي وزيد بن حصين الطائي في عصابة من القراء الذين صاروا خوارج بعد ذلك : " يا علي ، أجب إلى كتاب الله عز وجل إذا دعيت إليه ، وإلا دفعناك برمتك إلى القوم أو ونفعل بك كما فعلنا بابن عفان " : قال : " فاحفظوا عني نهيي إياكم ، واحفظوا مقالتكم لي ، فإن تطيعوني فقاتلوا ، وإن تعصوني فاصنعوا ما بدا لكم " . قالوا : ابعث إلى الأشتر فليأتيك . فبعث علي يزيد بن هانئ إلى الأشتر يستدعيه ، فقال : " ليست هذه الساعة بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني فيها عن موقفي ، إني رجوت أن يفتح الله لي " .
فرجع يزيد فأخبره ، وارتفعت الأصوات ، وارتفع الرهج من ناحية الأشتر ، فقالوا : والله ما نراك إلا أمرته أن يقاتل فقال : " هل رأيتموني ساررته ؟ أليس كلمته على رؤوسكم وأنتم تسمعون ؟ " فقالوا : " ابعث إليه فليأتك ، وإلا والله اعتزلناك " فقال : " ويلك يا يزيد قل له أقبل إلي ، فإن الفتنة قد وقعت " فأبلغه ذلك ، فقال الأشتر ألرفع المصاحف ؟ قال : نعم . قال : " والله لقد ظننت أنها ستوقع اختلافاً وفرقة ، إنها مشورة ابن العاص ، ألا ترى إلى الفتح ؟ ألا ترى ما يلقون ؟ ألا ترى ما صنع الله لنا ؟ أينبغي أن أدع هؤلاء وأنصرف عنهم ؟ " فقال له يزيد : أتحب أ ، تظفر وأمير المؤمنين يسلم إلى عدوه أو يقتل ؟ قال : " لا والله سبحان الله " فأعلمه بقولهم ، فأقبل إليهم الأشتر وقال : " يا أهل العراق ، يا أهل الذل والوهن ، أحين علوتم القوم وظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها ؟ وهم والله تركوا ما أمر الله به فيها وسنة من أنزلت عليه فأمهلوني

الصفحة 87