كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 88 """"""
فواقاً فإني قد أحسست بالفتح ، قالوا : لا . قال : أمهلوني عدو الفرس فإني قد طمعت في النصر قالوا : إذن ندخل معك في خطيئتك قال : " فخبروني عنكم متى كنتم محقين ؟ : أحين تقاتلون وخياركم يقتلون ؟ فأنتم الآن إذا أمسكتم عن القتال مبطلون أم أنتم الآن محقون ؟ فقتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم وهم خيرٌ منكم في النار " فقالوا : " دعنا منك يا أشتر ، قاتلناهم لله ، وندع قتالهم لله " فقال : " خدعتم فانخدعتم ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم ، يا أصحاب الجباه السود ، كنا نظن صلاتكم زهادةً في الدنيا وشوقاً إلى لقاء الله ، فلا أرى مرادكم إلا الدنيا ، ألا قبحا يا أشباه النيب الجلالة ، ما أنتم برائين بعدها عزاً أبداً ، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون " فسبوه وسبهم ، وضربوا وجه دابتهم بسياطهم ، وضرب وجوه دوابهم بسوطه ، فصاح به وبهم علي رضي الله عنه ، فكفوا .
وقال الناس : قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا وبينهم حكماً . فجاء الأشعث بن قيس إلى علي فقال له : أرى الناس قد رضوا بما دعوهم إليه من حكم القرآن ، فإن شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد . قال : إيته . فأتاه فقال : يا معاوية لأي شيء رفعتم هذه المصاحف ؟ قال : " لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به في كتابه ، تبعثون رجلاً ترضون ، ونبعث رجلاً نرضى به ، نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه ، ثم نتبع ما اتفقا عليه " .
فقال له الأشعث : " هذا الحق ، هذا الحق " . فعاد إلى علي فأخبره ، فقال الناس : قد رضينا وقبلنا .
فقال أهل الشام : قد رضينا عمراً . فقال الأشعث وأولئك القوم الذين صاروا خوارج : فإنا قد رضينا بأبي موسى الأشعري . فقال علي رضي الله عنه : " قد عصيتموني في أول الأمر ، فلا تعصوني الآن ، لا أرى أن أولى أبا موسى " . فقال الأشعث وزيد بن حصين ومسعر بن فدكي : لا نرضى إلا به فإنه قد حذرنا ما وقعنا فيه قال علي " فإنه ليس لي بثقة ، قد فارقني وخذل الناس عني ، ثم هرب مني حتى آمنته بعد أشهر ، ولكن هذا ابن عباس أوليه ذلك " . قالوا " والله ما نبالي أنت كنت أم ابن عباس ، لا نريد إلا رجلاً هو منك ومن معاوية سواء " . قال علي : فإني أجعل الأشتر . قالوا : وهل سعر الأرض غير الأشتر ؟ قال : قد أبيتم إلا أبا موسى . قالوا :

الصفحة 88