كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 90 """"""
وكتب الكتاب : هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، قاضى علي على أهل الكوفة ومن معهم وقاضى معاوية على أهل الشام ومن معهم ، أنا ننزل عند حكم الله وكتابه ، وألا يجمع بيننا غيره ، وأن كتاب الله بيننا من فاتحته إلى خاتمته ، نحيي ما أحيا ونميت ما أمات ، فما وجد الحكمان في كتاب الله - وهما أبو موسى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص - عملا به ، وما لم يجداه في كتاب الله تعالى فالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة . وأخذ الحكمان من علي رضي الله عنه ومن معاوية ومن الجند من العهود والمواثيق أنهما آمنان على أنفسهما وعلى أهلهما ، والأمة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه ، وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه أن يحكما بين هذه الأمة ولا يرداها في حرب ولا فرقةً حتى يعصيا ، وأجلا القضاء إلى رمضان ، وإن أحبا أن يؤخرا ذلك أخراه ، وإن مكان قضيتهما مكان عدل بين أهل الكوفة وأهل الشام .
وشهد جماعة من الطائفتين . وقيل للأشتر لتكتب فيها . فقال : " لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها شمالي إن خط لي في هذه الصحيفة خط أولست على بينة من ربي من ضلال عدوي ؟ أولستم قد رأيتم الظفر ؟ " . فقال له الأشعث : ما رأيت ظفراً هلم إلينا فإنه لا رغبة بك عنا . فقال : " بلى والله الرغبة عنك في الدنيا للدنيا وفي الآخرة للآخرة ولقد سفك الله بسيفي دماء رجال ما أنت عندي خير منهم ولا أحرم دماً " .
قال : وخرج الأشعث بالكتاب يقرأه على الناس حتى مر على طائفةٍ من بني تميم ، فيهم عروة بن أدية أخو أبي بلال فقرأه عليهم ، فقال عروة : تحكمون في أمر الله الرجال ، لا حكم إلا لله . ثم شد بسيفه فضرب به عجز دابة الأشعث ضربة خفيفةً ، فاندفعت الدابة ، فصاح به أصحاب الأشعث فرجع . وكتب الكتاب يوم الأربعاء لثلاث عشرة خلت من صفر سنة سبعٍ وثلاثين . .

الصفحة 90