كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 91 """"""
واتفقوا أن يكون اجتماع الحكمين بدومه الجندل أو بأزرخ ، في شهر رمضان .
قال : وقيل لعلي : إن الأشتر لا يقر بما في الصحيفة ولا يرى إلا قتال القوم . فقال عليٌ رضي الله عنه : " وأنا والله ما رضيت ولا أحببت أن ترضوا ، فإذ أبيتم إلا أن ترضوا فقد رضيت ، وإذ رضيت فلا يصلح الرجوع بعد الرضى ولا التبديل بعد الإقرار ، إلا أن يعصى الله ويتعدى كتابه ، فتقاتلوا من ترك أمر الله . وأما الذي ذكرتم من تركه أمري وما أنا عليه فليس من أولئك ، ولست أخافه على ذلك ، يا ليت فيكم مثله اثنين ، يا ليت فيكم مثله واحد يرى في عدوي ما أرى ، إذن لخفت على مؤنتكم ، ورجوت أن يستقيم لي بعض أودكم ، وقد نهيتكم فعصيتموني فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن : وهل أنا إلاّ من غزيّة إن غوت . . . غويت وإن ترشد غزيّة أرشد
والله لقد فعلتم فعلةً ضعضعت قوة ، وأسقطت منة ، وأورثت وهناً وذلةً ، ولما كنتم الأعلين ، وخاف عدوكم الاجتياح ، واستحر بهم القتل ، ووجدوا ألم الجراح ، رفعوا المصاحف فدعوكم إلى ما فيها ليفتنوكم عنه ، ويقطعوا الحرب ، ويتربصوا بكم ريب المنون ، خديعةً ومكيدةً ، فأعطيتموهم ما سألوا ، وأبيتم إلا أن تدهنوا وتحيروا ، وايم الله ما أظنكم بعدها توفقون لرشد ، ولا تصيبون باب حزم " .
قال : ثم تراجع الناس عن صفين . هذا ما أورده أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه ، وهو الذي اعتمد عليه عز الدين علي بن محمد بن الأسير الموصلي في تاريخه الكامل ، من حرب صفين ، وقد أسقطنا بعض ما أورداه ، وأتينا بألفاظ لم يأتيا بها نسبناها إلى من حكاها : وأخبار أيام صفين كثيرة ، قد بسط أهل التاريخ فيها القول ، وذكروا ما اتفق

الصفحة 91