كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 93 """"""
فقولا لعمرو ثم بسرٍ : ألا انظرا . . . سبيلكما ، لا تلقيا الليث ثانيه
ولا تحمدا إلا الحيا وخصاكما . . . هما كانتا والله للنّفس واقيه
ولولاهما لم تنجوا من سنانه . . . وتلك بما فيها عن العود ناهيه
وكونا بعيداً حيث لا تبلغ القنا . . . نحوركما إنّ التجارب كافيه
قال أبو عمر : إنما كان انصراف علي عنهما وعن أمثالهما من مصروع أو منهزم ، بأنه كان لا يرى في قتال الباغين عليه من المسلمين أن يتبع مدبراً ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسيراً ، وتلك عادته في حروبه في الإسلام ، رضي الله عنه .
وروى أبو عمر ابن عبد البر أيضاً بسند يرفعه إلى يزيد ابن حبيب قال : اصطحب قيس بن خرشة ، وكعب الأحبار ، حتى إذا بلغا صفين وقف كعبٌ ثم نظر ساعةً فقال : " لا إله إلا الله ، ليهراقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيءٌ لم يهرق ببقعة من الأرض " فغضب قيسٌ وقال : " وما يدريك يا أبا إسحاق ؟ فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به " فقال كعب : ما من شبر من الأرض إلا وهو مكتوب في التوراة التي أنزل الله على نبيه موسى بن عمران عليه السلام ما يكون عليه إلى يوم القيامة . واختلف في عدة من شهد صفين ، فقيل كان جيش علي رضي الله عنه تسعين ألفاً ، وجيش معاوية مائةً وعشرين ألفاً وقيل أقل من ذلك . وقتل من العراق خمسة وعشرون ألفاً منهم عمار بن ياسر وخمسة وعشرون بدرياً ، وقتل من عسكر معاوية خمسة وأربعون ألفاً . قال ، ولما رجع علي رضي الله عنه إلى الكوفة خالفه الحرورية وأنكروا تحكيم الرجال ، وكان من أمرهم ما نذكره إن شاء الله في أخبار الخوارج على علي ، وكان فيما بين رجوع علي واجتماع الحكمين ما نذكره إن شاء الله تعالى في حوادث السنين .

الصفحة 93