كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 95 """"""
يمنعك من ابني عبد الله وأنت تعلم فضله وصلاحه ؟ فقال له : إن ابنك رجل صدق ، ولكنك قد غمسته في هذه الفتنة .
فقال عمرو : إن هذا الأمر لا يصلح إلا لرجل يأكل ويطعم . كانت في ابن عمر غفلة ، فقال له : ابن الزبير : افطن وانتبه ، فقال : والله لا أرشو عليها شيئاً أبداً . وقال : يا ابن العاص إن العرب قد أسندت إليك أمرها بعدما تقارعوا بالسيوف فلا تردنهم في فتنة .
وكان عمرو قد عود أبا موسى أن يقدمه في الكلام ، يقول له : أنت صاحب رسو الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأسن مني فتكلم . فتعود ذلك أبو موسى ، وأراد عمرو بذلك كله أن يقدمه في خلع علي . فلما أراده عمرو على ابنه وعلى معاوية فأبى ، وأراد أبو موسى عمراً على ابن عمر فأبى عمر ، قال له عمرو : خبرني ما رأيك ؟ قال : " أرى أن نخلع هذين الرجلين ونجعل الأمر شورى ، فيختار المسلمون لأنفسه ممن أحبوا " . فقال عمرو : الرأي ما رأيت . فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون ، فقال عمرو : يا أبا موسى أعلمهم أن رأينا قد اتفق . فتكلم أبو موسى فقال : إن رأينا قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر هذه الأمة . فقال عمرو : صدق وبر ، تقدم يا أبا موسى . فتقدم أبو موسى ، فقال له ابن عباس : " ويحك والله إني لأظنه قد خدعك ، إن كنتما قد اتفقتما على أمر فتقدمه فليتكلم به قبلك ، فإنه رجل غادر ، ولا آمن أن يكون قد أعطاك الرضى بينكما ، فإذا قمت في الناس خالفك " وكان أبو موسى مغفلاً ، فقال : إنا قد اتفقنا ، فتقدم فقال : " أيها الناس ، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة ، فلم نرى أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أمر قد أجمع رأيي ورأي عمرو عليه ، وهو أن نخلع علي ومعاوية ويولي الناس أمرهم من أحبوا ، وإني خلعت علياً ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه أهلاً " . ثم تنحى ، وأقبل عمر فقام وقال : " إن هذا قد قال ما سمعتموه ، وخلع صاحبه ، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه ، وأثبت صاحبي معاوية ، فإنه ولي عثمان بن عفان ، والطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه " ، فقال سعد : ما أضعفك يا أبا موسى عن عمرو ومكايده وقال أبو موسى : فما أصنع ؟ وافقني على أمر ثم نزع عنه

الصفحة 95