كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 98 """"""
كذلك ، وهو على الحق والهدى ، ومن خالفه ضال مضل " . قال : وبعث عليٌ رضي الله عنه عبد الله بن العباس إلى الخوارج ، وقال له لا تعجل إلى جوابهم وخصومتهم حتى آتيك . فخرج إليهم ، فأقبلوا يكلمونه ، فلم يصبر حتى راجعهم ، فقال ، " ما نقمتم من الحكمين ، وقد قال الله عز وجل : إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما فكيف بأمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ " . فقالت الخوارج : " أما ما جعل الله حكمه إلى الناس وأمرهم بالنظر فيه فهو إليهم ، وما حكم فأمضاه فليس للعباد أن ينظروا فيه ، حكم في الزاني مائة جلدة ، وفي السارق القطع ، فليس للعباد أن ينظروا في هذا " . قال ابن عباس : فإن الله تعالى يقول يحكم به ذوا عدل منكم فقالوا : وتجعل الحكم في الصيد والحدث بين المرأة وزوجها كالحكم في دماء المسلمين ؟ وقالوا له : أعدلٌ عندك عمرو بن العاص وهو بالأمس يقاتلنا ؟ فإن كان عدلاً فلسنا بعدول ، وقد حكمتم في أمر الله الرجال ، وقد أمضى الله حكمه في معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يرجعوا ، وقد كتبتم بينكم وبينهم كتاباً وجعلتم بينكم الموادعة ، وقد قطع الله الموادعة بين المسلمين وأهل الحرب منذ نزلت " براءة " إلا من أقر بالجزية .
وبعث علي رضي الله عنه زياد بن النضر فقال : انظر بأي رؤوسهم هم أشد إطافة . فأخبره أنه لم يرهم عند رجل أكثر منهم عند يزيد ابن قيس ، فخرج علي رضي الله عنه في الناس حتى أتى فسطاط يزيد ابن قيس ، فدخله ، فصلى فيه ركعتين ، وأمره على أصبهان والري ، ثم خرج حتى انتهى إليهم وهم يخاصمون ابن عباس ، فقال له : ألم أنهك عن كلامهم ؟ ثم تكلم فقال : اللهم هذا مقام من يفلج فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة . ثم : قال لهم : من زعيمكم ؟ قالوا : ابن الكواء قال : فما أخرجكم علينا ؟ قالوا : حكومتكم يوم صفين . قال : " أنشدكم الله ، أتعلمون أنهم حيث رفعوا المصاحف ، وقلتم نجيبهم ، قلت لكم : إني أعلم بالقوم منكم ، إنهم ليسوا بأصحاب دين " وذكر ما كان قال لهم ، ثم قال " وقد اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيى القرآن وأن يميتا ما أمات القرآن ، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف ، وإن أبيا فنحن من حكمهما براء " . قالوا : فخبرنا أتراه عدلاً تحكيم الرجال في