كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 99 """"""
الدماء ؟ فقال : " إنا لسنا حكمنا الرجال ، إنما حكمنا القرآن ، وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين ، لا ينطق ، إنما يتكلم به الرجال " قالوا : فأخبرنا عن الأجل لم جعلته بينكم ؟ قال : " ليعلم الجاهل ، ويثبت العالم ، ولعل الله عز وجل يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة ، ادخلوا مصركم رحمكم الله " . فدخلوا من عند آخرهم .
ذكر خبرهم عند توجيه الحكمين
قال : لما أراد علي رضي الله عنه أن يبعث أبا موسى للحكومة أتاه رجلان من الخوارج ، وهما زرعة بن برج الطائي وحرقوص ابن زهير السعدي ، فقالا له : لا حكم إلا لله تعالى ، فقال علي رضي الله عنه : لا حكم إلا لله تعالى ، قال حرقوص : " تب من خطيئتك ، وارجع عن قضيتك ، وارجع بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا " . فقال علي : قد أردتكم على ذلك فعصيتموني ، وقد كتبنا بيننا وبين القوم كتاباً ، وشرطنا شروطاً ، وأعطينا عليها عهوداً ، وقد قال الله تعالى : " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم " فقال حرقوص : ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه . فقال علي رضي الله عنه : ما هو ذنب ولكنه عجز من الرأي ، وقد نهيتكم ، فقال زرعة : يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك أطلب وجه الله . فقال علي : " بؤساً لك ما أشقاك كأني بك قتيلا تسفي عليك الرياح " قال : وددت لو كان ذلك ، فخرجا من عنده يحكمان .
وخطب علي رضي الله عنه يوماً ، فحكمت المحكمة في جوانب المسجد ، فقال علي : " الله أكبر كلمة حق أريد بها باطل إن سكتوا غممناهم ، وإن تكلموا حججناهم وإن خرجوا علينا قاتلناهم " .
فوثب يزيد بن عاصم المحاربي فقال : " الحمد لله غير مودع ربنا ولا مستغني عنه ، اللهم إنا نعوذ بك من إعطاء الدنية في ديننا ، فإن إعطاء الدنية في الدين إدهان في أمر الله وذل راجع بأهله إلى سخط الله ، يا علي