كتاب شروط النصارى لابن زبر الربعي

12- ورأيت هذا الحديث في كتاب رجل من أصحابنا بدمشق, ذكر أنه سمعه من محمد بن ميمون [بن] (¬1) معاوية الصوفي بطبرية بإسناد ليس بمشهور, ينتهي إلى إسماعيل بن مجالد بن سعيد قال: حدثني سفيان الثوري, عن طلحة بن مصرف, عن مسروق, عن عبد الرحمن بن غنم, فذكره بطوله.
وقال فيه عند ذكر الكنائس: ((ولا يأتي منها ما كان في خطط المسلمين.. ..)) . وزاد فيه: ((ولا يتشبه بهم في شيء من لباسهم في قلنسوة, ولا عمامة, ولا سراويل ذات خدمة, ولا نعلين ذات عدنة, ولا نمشي إلا بزنار من جلد, ولا يوجد في بيت أحدنا سلاح إلا انتهب)) . وما رأيت هذه الزيادة فيما وقع إلينا من عهود عمر بن الخطاب رضي الله عنه, ووجدتها مروية عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه, وهي تأتي في هذا الجزء, وبالله التوفيق.
¬__________
(¬1) [[من تاريخ دمشق لابن عساكر، وليست في المطبوع]]
13- أنا عبد الدائم, ثنا عبد الوهاب, ثنا عبد الله, ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم, ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش, حدثني أبي, أن هذا كتاب من عياض بن غنم لذمة حمص:
((أنا حين قدمت بلادنا طلبنا إليك الأمان لأنفسنا وأهل ملتنا, فأمنتنا على أن شرطنا لك على أنفسنا: أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها كنيسة, ولا ديراً ولا قلاية ولا صومعة راهب, ولا نجدد ما خرب من -[27]- كنائسنا، ولا نحيي ما كان منها في خطط المسلمين، ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوساً، ولا نكتم أمراً من غش المسلمين، وأن لا نضرب بنواقيسنا إلا ضرباً خفياً في جوف كنائسنا، فيما كان في حضرة المسلمين. ولا نخرج صليباً ولا كتبنا في طريق المسلمين، ولا نخرج باعوثاً ولا شعانين، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في الأسواق، أسواق المسلمين، ولا نجاورهم بالخنازير، ولا نبيع الخمور، ولا نظهر شركاً في نادي المسلمين، ولا نرغب أحداً منهم في ديننا، ولا ندعو إليه أحداً، وعلى أن لا نتخذ شيئاً من الرقيق خرجت عليه سهام المسلمين -أو قال: جرت- ولا نمنع أحداً من أنسابنا أراد الدخول في الإسلام.
وأن نلزم زينا حيثما كنا، ولا نتشبه بالمسلمين في لباس قلنسوة، ولا عمامة، ولا نعلين، ولا فرق شعر، ولا مراكبهم، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، وأن نجز مقادم رؤوسنا، ونلف نواصينا، ونشد الزنانير على أوساطنا، ولا ننقش على خواتيمنا بالعربية، ولا نركب السروج، ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله ولا نتقلد السيوف. وأن نوقر المسلمين في مجالسهم، ونرشدهم السبل، ونقوم لهم من المجالس إذا أرادوا الجلوس، ولا نطلع عليهم في منازلهم، ولا نعلم أولادنا القرآن، ولا يشارك أحد منا مسلماً في تجارة، إلا أن يكون أمر التجارة إلى المسلم، وأن نضيف كل مسلم عابر سبيل ثلاثة أيام؛ نطعمه فيها من أوسط ما نجد.
ضمنا لك ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا، وأعطيتنا الأمان بذلك على أنفسنا وذرارينا وأزواجنا ومساكننا، فإن نحن غيرنا أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا، وقد قبل بالأمان عليه؛ فلا ذمة لنا، -[28]- وقد حل لكم منا ما حل من أهل المعاندة والشقاق)) .
وزادهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب عمر في الكتاب: ((أن لا تشتروا من سبينا شيئاً، ومن ضرب مسلماً عمداً فقد خلع عهده)) .
قلت أنا: هكذا روى محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه هذا الحديث.

الصفحة 26