كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 9)

25 - محمد بن أَحْمَد بن عيسى بن عبد الله، القاضي، أبو الفضل السَّعْديّ البغداديّ، الفقيه الشافعيّ [المتوفى: 441 هـ]
راوي " معجم الصّحابة " للبَغَويّ، عن ابن بطَّة العُكْبَريّ.
سمع موسى بن محمد بن جعفر السِّمسار، وأبا الفضل عُبْيد اللَّه الزُّهريّ، وأبا بكر بن شاذان، وأبا طاهر المخلّص، وابن بطَّة، ومحمد بن عمر بن زنبور، وأبا الحسن ابن الجنديّ ببغداد، وأبا عبد اللَّه الْجُعْفيّ بالكوفة، وابن جميع بصيدا، وحامد بن إدريس بالموصِل، وأبا مسلم الكاتب بمصر، وسكن مصر وأملى وأفاد، وكان من تلامذة أبي حامد الإسفراييني.
روى عنه سهل بن بشر الإسفراييني، وعليّ بن مكّيّ الْأزديّ، وأبو نصر الطُّريْثيثيّ، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وآخرون، وقد كتب عنه شيخه الحافظ عبد الغني، ومات قبله بنيّفٍ وثلاثين سنة.
تُوُفِّي أبو الفضل السعديّ في شعبان، وقيل: في شوّال، فيُحَرّر.
26 - محمد بن إسحاق بن محمد، القاضي أبو الحسن القُهُستانيّ. [المتوفى: 441 هـ]
الذي روى " مُسند عليّ " لمُطيّن في اثني عشر جزءًا بمصر، عن علي بن حسان الدممي، فحدّث به في هذا العام في ذي الحجّة، وسمعه منه أبو عبد اللَّه محمد بن أَحْمَد الرازيّ، فهذا الرجل ليس في مشيخة الرّازيّ، وسمعه منه أبو صادق مرشد المدينيّ، فسمعه السِّلفيّ، من مرشد، وقد حدَّث يحيى بن محمد بن أَحْمَد الرّازيّ " بالمُسْنَد " عن والده، عن القهستاني.
27 - محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن رُحيْم، أبو عبد اللَّه الصوريّ الحافظ، [المتوفى: 441 هـ]
أحد أعلام الحديث. -[630]-
سمع الحديث على كِبَر، وعُنِيَ به أتمّ عناية إلى أن صار فيه رأسًا. سمع أبا الحسين بن جُمَيْع، وأبا عبد اللَّه بن أبي كامل الْأطرابُلُسيّ، ومحمد بن عبد الصّمد الزّرافيّ، ومحمد بن جعفر الكلاعيّ، والحافظ عبد الغنيّ بن سعيد المصريّ، وأبا محمد بن النحّاس، وعبد اللَّه بن محمد بن بُنْدار، وطائفة كبيرة بمصر، وتخرَّج بعبد الغنيّ، ثم رحل إلى بغداد فأدرك بها صاحب الصفّار أبا الحسن بن مَخْلد، وطبقته.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وقاضي العراق أبو عبد اللَّه الدامغاني، وجعفر السراج، والمبارك ابن الطيوريّ، وسعد اللَّه بن صاعد الرّحبي، وآخرون.
قال: وُلِدت في سنة سِتٍّ أو سبعٍ وسبعين وثلاثمائة.
قال الخطيب: كان من أحرص الناس على الحديث وأكثرهم كُتُبًا له، وأحسنهم معرِفةً به. لم يَقدِم علينا أفهم منه لعلم الحديث، وكان دقيق الخطّ، صحيح النقل، حدّثني أنّه كان يكتب في الوجهة من ثُمْن الكاغد الخُراسانيّ ثمانين سطْرًا، وكان مع كثرة طلبه صعب المذهب فيما يسمعه. ربّما كرّر قراءة الحديث الواحد على شيخه مرَّات، وكان - رحمه اللَّه - يسرد الصَّوم لَا يُفطِر إِلَّا في الْأعياد، وذكر لي أن عبد الغنيّ كتب عنه أشياء في تصانيفه، وصرّح باسمه في بعضها، وقال في بعضها: حدَّثني الورد بن عليّ.
قال الخطيب: وكان صدوقًا، كتب عنّي وكتبت عنه، ولم يزل ببغداد حتى توفي بها في جمادى الْآخرة، وقد نيّف على السِّتين.
وذكره أبو الوليد الباجيّ فقال: الصوريُّ أحفظ من رأيناه.
وقال غيث بن عليّ الْأرمنازيّ: رأيت جماعة من أهل العلم يقولون: ما رأينا أحفظ من الصوري.
وقال عبد المحسن البغدادي الشيحي: ما رأينا مثله، كان كأنّه شُعْلة نارٍ، بلسانٍ كالحسام القاطع. -[631]-
وقال السِّلفيّ: كتب الصُّوريّ " صحيح البُخاريّ " في سبعة أطباقٍ من الورق البغدادي، ولم يكن له سوى عينٍ واحدة.
قال: وذكر أبو الوليد الباجيّ في كتاب " فِرق الفُقهاء " قال: حدَّثني أبو عبد اللَّه محمد بن عليّ الورّاق، وكان ثِقةً متقنًا، أنّه شاهد أبا عبد اللَّه الصُّوريّ، وكان فيِهِ حُسْنُ خُلقٍ ومِزاحٍ وضحِك، لم يكن وراءه إِلَّا الدّين والخير، ولكنه كان شيئًا جُبِل عليه، ولم يكُن في ذلك بالخارق للعادة، ولا الخارج عن السَّمت. فقرأ يومًا جزءًا على أبي العبّاس الرّازيّ وعنَّ لهُ أمرٌ أضحكهُ، وكان بالحضرة جماعة من أهل بلدنا فأنكروا عليه ضِحكَهُ وقالوا: هذا لَا يصلُح ولا يليق بعلمِك وتقدُّمِك أن تقرأ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت تضحك، وأكثروا عليه وقالوا: شيوخ بلدنا لا يرضون هذا. فقال: ما في بلدكم شيخٌ إِلَّا يجب أن يقعد بين يديّ ويقتدي بي، ودليل ذلك أنّي قد صرتُ معكُم على غير موعد، فانظروا إلى أي حديثٍ شئتم مِنْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّه صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اقرأوا إسناده لأقرأ متنه، أو اقرأوا متنه حتى أخبركم بإسناده.
قال الباجيّ: لزمتُ الصوريُّ ثلاثة أعوام، فما رأيته تعرض لفتوى.
وقال أبو الحسين ابن الطُّيوريّ: كتبتُ عن خلْقٍ فما رأيت فيهم أحفظ من الصُّوريّ كان يكتب بفرد عين، وكان متفنّنًا، يعرف من كل علم، وقوله حجّة. قال: وعنه أخذ الخطيب علم الحديث.
قلت: وشعره ممّا رواه عنه الخطيب:
فيَّ جد وفي هزل إذا شئـ ... ـت وجِدّي أضعاف أضعاف هزلي
عاب قومٌ عليَّ هذا ولجّوا ... في عِتابي وأكثروا فيه عذْلي
قلتُ: مهلًا، لَا تُفرِطوا في ملامي ... واحكموا لي فيكم بغالب فِعْلي
أنا راضٍ بِحُكمُكم إن عدَلتم ... رُبَّ حُكمٍ يمضي على غير عدل
وللصوري:
قُل لمن عاند الحديث وأضَحى ... عائِبًا أهله ومن يدعيه
أبعلم تقول هذا؟ أبن لي ... أم بجهلٍ فالجهلُ خُلُقُ السفيه -[632]-
أيعاب الذين هم حفظوا الد ... ين من التُّرِّهاتِ والتمويه
وإلى قولهم وما قد رَوَوْهُ ... راجِعٌ كلُّ عالمٍ وفقيه

الصفحة 629