كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 9)

207 - سُلَيْم بن أيوب بن سُلَيْم أبو الفتح الرّازيّ الفقيه الشّافعيّ. المُفسَّر الأديب. [المتوفى: 447 هـ]
سكن الشَّام مُرابِطًا مُحتَسِبًا لِنَشْرِ العِلْمِ والسُّنّة والتصانيف. حدَّث عن محمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ، ومحمد بن جعفر التميميّ الكُوفيّيّْن، وأحمد بن محمد البصير، وحمْد بن عبد اللَّه الرّازيّيْن، وأبي حامد الإسفراييني، وأحمد بن محمد المُجْبَر، وأحمد بن فارس اللُّغَويّ، وجماعة.
روى عنه الكتّانيّ، وأبو بكر الخطيب، والفقيه نصر المقدِسيّ، وأبو نَصْر الطُّرَيثِيثيّ، وعليّ بن طاهر الأديب، وعبد الرَّحمن بن علي الكاملي، وسهل بن بشر الإسفراييني، وأبو القاسم عليّ بن إبراهيم النّسيب وقال: هو ثقة، فقيه، مقرئ، مُحدِّث.
وقال سهل الإسفراييني: حدَّثني سُلَيْم أنَّهُ كان في صِغَره بالرّي، ولهُ نحو عشر سِنين، فحضر بعض الشّيوخ وهو يلقن فقال لي: تقدم فاقرأ. فجهدت أن أقرأ الفاتحة فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني. فقال: لك والدة؟ قلت: نعم. قال: قل لها تدعو لكَ أن يرزقك اللَّه قراءة القُران والعِلم. قلت: نعم. فرجعت فسألتها الدُّعاء، فَدَعَت لي. ثُمَّ إني كبرت ودخلت بغداد وقرأت بها العربية والفِقْه، ثُمَّ عُدت إلى الرّيّ، فبينا أنا في الجامع أقابل " مُختَصَر المُزنيّ " وإذا الشّيخ قد حضر وسلَّم علينا وهو لَا يعرفني. فسمع مُقابلتنا وهو لَا يعلم ما نقول، ثُمَّ قال: متى يُتَعلَّم مثل هذا؟ فأردت أن أقول له: إن كانت لك والدة قل لها تدعو لك، فاستحييت منه، أو كما قال.
وقال أبو نصر الطُّرَيثِيثيِّ: سمعتُ سُلَيْمًا يقول: علَّقتُ عن شيخنا أبي حامد جميع " التّعليق "، وسمعته يقول: وَضَعَتْ منِّي صُور، ورفعت بغداد من أبي الحسن ابن المَحَامليّ.
قال ابن عساكر: بلغني أنّ سُليمًا تفقَّه بعد أن جاز الأربعين، وقرأت بخطّ غيث الأرمنازيِّ: غرق سُلَيمُ الفقيه في بحر القُلْزُم عند ساحل جُدّة بعد الحجّ في صَفَر سنة سبعٍ وأربعين، وقد نيَّف على الثمانين، وكان فقيهًا مُشارًا إِلَيْهِ. صنَّف الكثير في الفقه وغيره، ودرَّس، وهو أوَّل من نشر هذا العلم -[695]- بصُور، وانتفع به جماعة، منهم الفقيه نصر، وحُدِّثت عنهُ أنّهُ كان يُحاسب نفسهُ على الأنفاس، لَا يدع وقتًا يمضي بغير فائدة، إمَّا ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ، وحُدِّثت عَنْه أنَّهُ كان يُحرِّك شفتيه إلى أن يقط القلم رضي الله عنه.

الصفحة 694