كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 9)
أَي يتقدَّم عَلَيْهِمْ وَيَتْرُكُهُمْ وَرَاءَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
سَوُّوا صُفوفَكم وَلَا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم
أَي إِذَا تقدَّم بعضُهم عَلَى بَعْضٍ فِي الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بَيْنَهُمُ الخُلْفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكم
؛ يُرِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَصْرِفُ وجهَه عَنِ الْآخَرِ ويُوقَعُ بَيْنَهُمُ التباغُضُ، فإنَّ إقْبالَ الوجْهِ عَلَى الوجهِ مِنْ أَثَرِ المَوَدَّةٍ والأُلْفةِ، وَقِيلَ: أَراد بِهَا تحويلَها إِلَى الأَدْبارِ، وَقِيلَ: تَغْيِيرُ صُوَرِها إِلَى صُوَرٍ أُخرى. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
ثُمَّ أُخالِفَ إِلَى رِجَالٍ فأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بيوتَهم
أَي آتِيَهم مِنْ خَلْفِهِمْ، أَو أُخالف مَا أَظْهَرْتُ مِنْ إقامةِ الصلاةِ وأَرجع إِلَيْهِمْ فآخُذهم عَلَى غَفْلةٍ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى أَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ بمُعاقبتهم. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفةِ:
وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ
أَي تَخَلَّفا. والخَلْفُ: المِرْبَدُ يَكُونُ خَلْفَ الْبَيْتِ؛ يُقَالُ: وَرَاءَ بَيْتِكَ خَلْفُ جَيِّدٌ، وَهُوَ المِرْبَدُ وَهُوَ مَحْبِسُ الإِبل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وجِيئا مِنَ البابِ المُجافِ تَواتُراً، ... وَلَا تَقْعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ «1»
وأَخْلَفَ يدَه إِلَى السيفِ إِذَا كَانَ مُعَلَّقاً خَلْفَه فَهَوَى إِلَيْهِ. وَجَاءَ خِلافَه أَي بَعْدَهُ. وَقُرِئَ:
وَإِذَا لَا يَلْبَثُون خَلفَكَ إِلَّا قَلِيلًا
، وخِلافك. والخِلْفةُ: مَا عُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ؛ وَقَالَ:
كَمَا عُلِّقَتْ خِلْفَةُ المَحْمِلِ
وأَخْلَف الرجلُ: أهْوَى بيدِه إِلَى خَلْفِه ليأْخُذَ مِنْ رَحْلِه سَيْفًا أَو غيرَه، وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ يدَه كَذَلِكَ. والإِخْلافُ: أَن يَضْرِبَ الرجُل يَدَهُ إِلَى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه إِذَا رأَى عَدُوًّا. الْجَوْهَرِيُّ: أَخْلَفَ الرجلُ إِذَا أَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى سَيْفِهِ ليَسُلَّه. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَن رَجُلًا أَخْلَفَ السَّيْفَ يَوْمَ بَدْرٍ «2».
يُقَالُ: أَخْلَفَ يَدَهُ إِذَا أَراد سَيْفَهُ وأَخْلفَ يدَه إِلَى الكنانةِ. وَيُقَالُ: خَلَفَ لَهُ بالسيفِ إِذَا جَاءَ مِنْ وَرائه فضرَبه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَخْلَفَ بِيَدِهِ وأَخذ يَدْفَعُ الفَضْلَ.
واسْتَخْلَفَ فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ: جَعَلَهُ مَكَانَهُ. وخَلَفَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا كَانَ خَلِيفَتَه. يُقَالُ: خَلَفَه فِي قَوْمِهِ خِلافَةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي
. وخَلَفْتُه أَيضاً إِذَا جِئْتُ بَعْدَهُ. وَيُقَالُ: خَلَّفْتُ فُلَانًا أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا جَعَلتُه خَليفَتي. واسْتَخْلفه: جَعَلَهُ خَلِيفَةً. والخَلِيفةُ: الَّذِي يُسْتخْلَفُ مِمَّنْ قَبْلَهُ، والجمع خَلَائِف، جاؤوا بِهِ عَلَى الأَصل مِثْلَ كريمةٍ وكرائِمَ، وَهُوَ الخَلِيفُ وَالْجَمْعُ خُلَفَاء، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ خَلِيفةٌ وخُلَفَاء، كَسَّروه تَكْسِيرَ فَعِيلٍ لأَنه لَا يَكُونُ إِلَّا لِلْمُذَكَّرِ؛ هَذَا نَقْلُ ابْنِ سِيدَهْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَعِيلة بِالْهَاءِ لَا تُجْمَعُ عَلَى فُعَلاء، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما خَلائِفُ فَعَلَى لَفْظِ خَلِيفةٍ وَلَمْ يَعْرِفْ خَلِيفًا، وَقَدْ حَكَاهُ أَبو حَاتِمٍ؛ وأَنشد لأَوْس بْنِ حَجَر:
إنَّ مِنَ الْحَيِّ مَوْجُودًا خَلِيفَتُهُ، ... وَمَا خَلِيفُ أَبِي وَهْبٍ بمَوْجُودِ
والخِلافَةُ: الإِمارةُ وَهِيَ الخِلِّيفَى. وإنه لخَلِيفةٌ
__________
(1). قوله [وجيئا إلخ] تقدم إنشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف:
وجئنا مِنَ الْبَابِ الْمُجَافِ تَوَاتُرًا ... وَإِنْ تَقْعُدَا بِالْخَلْفِ فَالْخَلْفُ وَاسِعُ
(2). قوله [أخلف السيف يوم إلخ] كذا بالأصل، والذي في النهاية مع إصلاح فِيهَا: وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر.
يقال إلخ.
الصفحة 83
366