كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 9)

الساكن على الدار، وليس للزارع يد على الأرض، وإنما يده على الزرع فلم يمنع منه، ومنع بعض الأصحاب الخلاف في المسألة، وحمل الأول على ما إذا كان ثقة، والثاني على غير الثقة؛ حذاراً من الجحود، وهذا ما صححه الماوردي، والثاني، رواه صاحب التقريب: أن الرهن لا يخرج من يد المرتهن بحال، وعلى المشهور إذا أراد الراهن أخذه، فإن كان غرضه منفعة يدام استيفاؤها؛ كالسكنى فتبقى في يده، وإن كان منفعة تستوفي في بعض الأوقات، كالاستخدام والركوب فتستوفي نهاراً وترد ليلاً.
وهل يجب الإشهاد عند كل أخذ؟ ينظر: إن وثق المرتهن بالتسليم فلا، وإلا أشهد عليه شاهدين أن يأخذه للانتفاع، وإن كان مشهور العدالة موثوقاً به عند الناس فوجهان أشبههما أنه يكتفي بظهور حاله، ولا يكلف الإشهاد لما فيه من المشقة، ومحل ما ذكرناه إذا أراد الراهن شيئاً من الانتفاعات التي يحوج استيفاؤها إلى إخراج الرهن عن يد العدل كالركوب والاستخدام، أما إذا لم يرد ذلك، وكان المرهون مكسباً وتيسر اكتسابه في يد المرتهن، لم يخرج من يده، كذا قال الرافعي.
ثم قال من بعد: وكلام الغزالي في الوسيط، والوجيز يدل على أن العبد لا ينزع من يد المرتهن إذا أمكن اكتسابه، وإن طلب الراهن منه الخدمة والأكثرون لم يتعرضوا لذلك.
وقضية كلامهم: أن له أن يستخدمه مع إمكان الاكتساب، ولا خلاف أن الراهن ليس له المسافرة بالمرهون لحاجة الخدمة والاكتساب، وإن كان السفر قصيراً؛ لما فيه من الخطر، والحيلولة القوية من غير ضرورة، أما السفر لحاجة الرعي ففيه كلام يأتي.
ولو أراد أن يزرع ما لا يستحصد إلا بعد حلول الدين فهل يمنع منه؟ فيه قولان أو وجهان، بناهما الماوردي على جواز بيع الأرض المزروعة، فإن جوزنا البيع جاز له أن يزرع، وإلا فلا، فعلى هذا، لو زرع لا يكلف القلع، قبل حلول الحق، وإذا حل الحق كلف ذلك، إلا أن يختار المرتهن الصبر إلى أوان الحصاد.
وقيل: يجبر على القلع في الحال، وعلى الأول إذا حل الحق، بأن وفي بيع

الصفحة 430