كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 9)

قال: وإن رهنه بدين آخر، أي: من جنس الأول عند المرتهن ففيه قولان أصحهما: أنه لا يجوز، وهذا هو الجديد؛ لأنه رهن مستحق بدين، فلا يجوز رهنه بغيره كرهنه عند آخر.
والثاني – وهو القديم واختاره المزني -: أنه يجوز؛ لأنه وثيقة على حق ليس عوضاً عنه فجازت الزيادة فيه كالضمان والشهادة]، وقد قيل إن هذا القول محكي في الجديد أيضاً وأيده المزني بأن الشافعي نص في المختصر على أن المرهون إذا جنى، ولم يفده السيد، فاختار المرتهن أن يفديه؛ ليكون رهناً بحاله بالحق الأول، وبما فداه به من الأرش بإذن الراهن صح.
قال الإمام: ومن بدائع الأمور اختيار المزني جواز ذلك مع ميله إلى القياس في اختياراته، وقد أجاب الأصحاب عن الأول بأنه يجوز أن يضمن الضامن دين غيره، ولا كلك الرهن، فإنه لا يجوز أن يجعل على دين غيره، [وحكم المشاهد] يتسع لحقوق كثيرة، وحملوا النص على حكاية القول القديم، ومنهم من حمله على الجديد، وهو الظاهر.
وفرق بأن الذي نص عليه الشافعي إنما جاز؛ لأن الأرش متعلق بالرقبة مع بقاء الرهن، فإذا رهنه به فقد علق بالرقبة ما كان متعلقاً بها، وغيره من الديون لم يكن متعلقاً بها، فلم يجز رهنه به. ولأن المجني عليه يملك استيفاء الحق من رقبته، وإن بطل الرهن به فصار بذلك في معنى الرهن الجائز، ويجوز أن يلحق بالعقد الجائز ما لا يلحق باللازم؛ ولأن ذلك من مصلحة الرهن وحفظه على المرتهن والمالك، بخلاف مسألتنا، ومثار الخلاف في المسألة المستشهد بها عند بعض من أثبته، أن المشرف على الزوال إذا استُدْرِكَ وصِينَ عنه يكون استدراكه كإزالته وعادته، وهو حض استدامة وفيه قولان مأخوذان كما قال الإمام من معاني كلام الشافعي، فإن قلنا بالأول فكأنهما يوافقا على فكاك الرهن، واستأنفاه بالدينين، وإن قلنا بالثاني ففيه القولان، أما إذا كان الدين الأول دراهم والثاني دنانير، وقلنا أنه يجوز، فهل يجوز هاهنا؟ فيه وجهان: أقيسهما في الاستقصاء أنه يجوز، ويجري الطريقان فيما إذا أنفق

الصفحة 432