كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 9)

ويجري الخلاف فيما لو أقر باستيلاد سابق على الرهن، وفيما لو أتت الجارية بولد فأقر أنه [منه] من وطء قبل الرهن، ولم يقر بأنها علقت ولم يكن ثَمَّ بينة على الوطء، وحكى الإمام في هذه الصورة وجهاً فارقاً بين أن تأتي بالولد لستة أشهر، فما دونها من وقت الإقباض، وبين أن تأتي به لأكثر من ذلك، وإن كانت ثَمَ بينة على الوطء. حكم بالاستيلاد إذا أقامها أو أقامتها الأمة، ولا نظر إلى أن إقامة البينة على الوطء لا يلزم منها الشهادة بالعلوق؛ لأن العلوق عيب فلا شيء يدار عليه الحكم إلا الوطء، وكذلك إذا اعترف بوطء مملوكته لحقه الولد في زمن الإمكان، وإن لم يكن منه إقرار بالعلوق.
واعلم أن الخلاف في قبول الإقرار بالعتق والاستيلاد مفرع على القول بأن عتقه واستيلاده نافذ، إذا صدر في حالة الرهن، من حيث إنه قادر عليه حساً وممنوع منه شرعاً، كما جرى الخلاف في قبول إقرار السفيه بالإتلاف كذلك، أما إذا قلنا عتقه واستيلاده لا ينفذ فلا يقبل إقراره وجهاً واحداً، أشار إلى ذلك الإمام.
التفريع:
إن قلنا بالأول فهل يحلف الراهن؟ فيه قولان في الحاوي، ووجهان في الشامل، وجه عدم التحليف وهو اختيار القاضي أبي الطيب، أنه لو رجع عن إقراره لم يقبل رجوعه، ومقابله، هو اختيار الشيخ أبي حامد، وعلى الوجهين إذا حلف حكمنا ببطلان الرهن على الصحيح من المذهب، في أن رهن العبد الجاني جناية خطأ لا يجوز حتى لو فداه السيد، أو بيع في الجناية، وفضل من قيمته شيء لا يتعلق به [حق] المرتهن.
وفي الحاوي وغيره حاكية قول آخر معزي إلى الإمام، أن على المذهب حق المرتهن يتعين فيما فضل، وفي العبد إذا فداه السيد.
وإذا نكل الراهن عن اليمين، فهل ترد على المجني عليه أو على المرتهن؟ فيه وجهان في الحاوي، والمشهور منهما فيه جزم أكثرهم أنها ترد على المرتهن، فإن رددناها على المجني عليه فحلف، [فكان كحلف الراهن فإن نكل بقي الرهن، وإن رددناها على المرتهن فحلف] استمر الرهن.

الصفحة 449