كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 9)

ص: فقال الذين أنكروا القران: إنما قول عمر -رضي الله عنه- "هديت لسنة نبيك" على الدعاء منه له لا على تصويبه إياه في فعله وكان من الحجة عليهم في ذلك مما يدل على أن ذلك لم يكن من عمر -رضي الله عنه- على جهة الدعاء: أن فهدًا حدثنا قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: حدثني أبي قال: ثنا الأعمش قال: حدثنا شقيق قال: ثنا الصبي بن معبد قال: "كنت حديث عهد بنصرانية فلما أسلمت لم ألُ أن أجتهد فأهللت بعمرة وحجة جميعًا فمررت بالعذيب بسلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان فسمعاني وأنا أهلُّ بهما جميعًا فقال أحدهما لصاحبه: أبهما جميعًا؟ وقال الآخر: دعه فإنه أضل من بعيره؛ قال: فانطلقت وكأن بعيري على عنقي فقدمت المدينة فلقيت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقصصت عليه فقال: إنهما لم يقولا شيئًا، هديت لسنة نبيك -عليه السلام-".
حدثنا علي بن شيبة قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال: ثنا وكيع قال: ثنا الأعمش عن شقيق عن الصُبَي بن معبد قال: "أهللت بهما جميعًا فمررت بسلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان فعابا ذلك علي فلما قدمت [على] (¬1) عمر -رضي الله عنه- ذكرت ذلك له فقال: لم يقولا شيئًا هديت لسنة نبيك -عليه السلام-.
فدل قوله: "هديت لسنة نبيك" بعد قوله: "إنهما لم يقولا شيئًا" أن ذلك كان منه على التصويب منه لا على الدعاء.
ش: الذين أنكروا القران هم الطائفة الذين ذكروا في الفريقين الأولين، فإنهم قالوا: لما استدلت أهل المقالة الثالثة بما رُوي عن صبي بن معبد على أفضلية القران: لا دلالة لذلك على القرآن ولا على أفضليته لأن قول عمر -رضي الله عنه- "هديت لسُنَّة نبيك" دعاء منه له على أن يهديه [الله] (¬2) لسُنَّة نبيه -عليه السلام- حيث ترك السنة في فعله ذلك ولم يدل ذلك على أنه صوّب فعله ذلك، أعني جمعه العمرة والحج
¬__________
(¬1) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(¬2) ليست في "الأصل، ك".

الصفحة 193