والفعلية، و"لا" للاستثناء؛ لأن أصل (¬1) الواو: أن تربط ما بعدَها بما قبلَها، فيبقى أن تكون للحال، فتكون جملةً مقيَّدَة للنهي، والمعنى: لا تأكلوا منه في حال كونه فسقاً، ومفهومُه: جوازُ الأكل إذا لم يكن فسقاً، والفسقُ قد (¬2) فسره الله تعالى بقوله: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145]، فالمعنى: لا تأكلوا منه إذا سمي عليه غيرُ الله، ومفهومه: وكلوا منه إذا لم يُسَمَّ عليه غيرُ الله (¬3).
قلت: فيه نظر من وجوه:
أما أولاً: فالصحيح أن تخالُفَ الجملتين بالاسمية والفعلية لا يمنع من العطف، على ما هو مقررٌ عند النحاة (¬4).
وأما ثانياً: فلا نسلِّم أن الفسقَ المذكورَ في هذه الآية مفسِّرٌ للفسق في الآية الأخرى، وإنما الضميرُ في قوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121]، عائد إلى عدم ذكر التسمية؛ لكونه أقربَ المذكورات، ومعلوم أن التركَ نسياناً ليس بفسق؛ لعدم التكليف والمؤاخذة، فتعَيَّنَ العمدُ.
وأما ثالثاً: فلأنه لو كان المرادُ بالفسق: الإهلال (¬5) بذكر (¬6) غيرِ الله على الذبيحة، لزم الإخبارُ بالأخصِّ عن الأَعَمَّ، وهو باطل، وذلك لأن
¬__________
(¬1) في "ج": "الأصل".
(¬2) في "ج": "فسقاً وقد".
(¬3) انظر: "معني اللبيب" لابن هشام (ص: 631).
(¬4) وهذا ما ذكره ابن هشام في "المغني" بعد حكايته كلام الرازي.
(¬5) في "م": "لإهلال".
(¬6) في "م": "بذلك".