كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 9)

نَعَماً مِنْ نَعَم الصَّدَقَةِ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يحْمِلَنَا، قَالَ: "مَا عِنْدِي مَا أحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ".
ثُمَّ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِنَهْبٍ مِنْ إبِلٍ، فَقَالَ: "أيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ؟ أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ؟ ". قَالَ: فَأَعطَانَا خَمْسَ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَا، فَلَبِثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَقُلْتُ لأَصْحَابِي: نَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، فَوَاللَّهِ! لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينَهُ، لاَ نُفْلِحُ أَبَداً، فَرَجَعنَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا اسْتَحمَلْنَاكَ، فَحَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحمِلَنَا، فَظَنَنَّا أَنَّكَ نسَيتَ يَمِينَكَ، فَقَالَ: "إِنَّ الله هُوَ حَمَلَكُم، إِنَّي وَاللَّهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَها خَيْراً مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُهَا".
(وكان بيننا وبَيْنَهُ هذا الحيِّ من جَرْمٍ إخاءٌ): قال السفاقسي: الحيِّ: بالخفض على البدل من الضمير الذي في "بَيْنَهُ"، و"إخاءٌ": بكسر الهمزة الأولى، وهو ممدود (¬1).
(فأعطانا خمسَ ذودٍ): بالإضافة قطعاً، كذا في الراوية.
وقال أبو البقاء: الصوابُ تنوينُ ونصبُ ذود على البدل؛ للزوم أن يكون المعطَى مع الإضافة خمسةَ عشرَ بعيراً؛ لأن أقلَّ الذودِ ثلاثةُ (¬2) أَبْعِرَة (¬3).
قلت: هذا خيالٌ فاسد يلزمُ عليه أن يكون المأخوذُ في قولك (¬4): أخذتُ خمسةَ أسياف: خمسةَ عشرَ سيفاً؛ لأن أقلَّ الأسياف ثلاثة، بعينِ ما قاله، وبطلانُه مقطوعٌ به.
¬__________
(¬1) انظر: "التوضيح" (26/ 492).
(¬2) "ثلاثة" ليست في "ع".
(¬3) انظر: "التنقيح" (3/ 1105).
(¬4) في "ج": "ذلك".

الصفحة 161