كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 9)

قال ابن المنير: وعندي فيه تأويلٌ حسن، وذلك أنه لما تحقق عجزه عند (¬1) الاستفسار، سأله: هل معه شيء من القرآن؛ لأن القرآن هو [الغِنَى الأكبر، وقد ورد: "مَنْ لَمْ يَغْنَ بِالقُرْآنِ، فَلَيْسَ مِنَّا" (¬2).
وورد: "كَفَى بِالقُرْآنِ] (¬3) غِنىً" (¬4)، وتظاهرت الأحاديث على ذلك، فلما ثبت لهذا الرجل حظٌّ من القرآن، ثبت له حظٌّ من الغِنى (¬5)، فزوَّجَه.
ووجهُ كونِ القرآنِ غِنىً: إما لأن الله وعدَ صاحبه الغِنى من فضله، وإما لأنه جدير بأن يحمل صاحبَه على (¬6) القناعة، وهي كنزٌ لا يَنْفَد، ومن قنع استغنى، وليس في الحديث إسقاطُ الصَّداقِ، فلعله زوَّجه إياها بِصَداقٍ وُجدت مَظِنَّتُه (¬7)، وإن لم توجد حقيقتُه، وإذا وُجدت مظنتُه، أوشك (¬8) أن تحصلَ بفضل الله، وإنما استفسره (¬9) عن جهده؛ نصحا للمرأة؛ لئلا يضيعها، فلما أخبره أنه يحفظ حظًا (¬10) من القرآن، علم أن الله لا يُضيعهما.
¬__________
(¬1) في "ع" و"ج": "عن".
(¬2) رواه البخاري (7527) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬3) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(¬4) لم أقف عليه.
(¬5) في "ع" و"ج": "من النبي - صلى الله عليه وسلم -".
(¬6) "على" ليست في "ج".
(¬7) في "ع": "وجد بمظنته".
(¬8) في "ج": "وجدت مظنته، وإن لم توجد ضيقته وشك".
(¬9) في "ج": "استفسر".
(¬10) في "ع" و"ج": "حفظًا".

الصفحة 33