كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 9)

يقتضي أن يقال: لجاجُ أحدِهم آثمُ له من الحنث، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدلَ عن ذلك إلى ما هو لازمُ الحنثِ، وهو الكفارةُ؛ لأن المقابلةَ بينها (¬1) وبين اللجاجُ أفحمُ للخصم، وأدلَّ على سوء نظر المتنطِّع الذي اعتقد أنه تَحرَّجَ من الإثم، وإنما تحرج من الطاعة والصدقة والإحسان، وكلها تجتمع في الكفارة، ولهذا عَظَّمَ (¬2) شأنَها بقوله: "التي فرضَ اللهُ عليه"، فلا يبقى بعد ذلك لغافلٍ تخيُّلٌ في تفضيل الطاعة المفروضة - وهي الكفارة على اللجاج (¬3) - على ترك البرِّ المحلوفِ على تركه، وإذا صحَّ أن الكفارة خيرٌ له، ومن لوازمها الحنثُ، صحَّ أن الحنثَ خيرٌ له ومعنى: "لأن يَلَجَّ (¬4) أحدُكم بيمينه في أهله": أن يصمم (¬5) أحدُكم في قطيعة أهلِه ورحمِه بسبب يمينه الّتي حلفَها على تركِ بِرَّهم، آثمُ له عندَ الله (¬6) من كذا.
* * *

2858 - (6626) - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ - يَعْنِي: ابْنَ إِبْرَاهِيمَ -: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتَلَجَّ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينٍ، فَهْوَ أَعْظَمُ إِثْماً، لِيَبَرَّ" يَعْنِي: الْكَفَّارَةَ.
¬__________
(¬1) في "ع" و"ج": "بينهما".
(¬2) في "ع": "أكد عظم".
(¬3) في "ع" و"ج": "على أن اللجاج".
(¬4) في "ع": "لا يلج".
(¬5) في "ع": "تصميم".
(¬6) "عند الله" ليست في "ج".

الصفحة 481