يراد: التساوي في الإثم، أو في العقاب، وكلاهما مُشْكِل؛ لأن الإثم يتفاوتُ بتفاوتِ مفسدةِ الفعل، وليسَ إذهابُ الروح في المفسدةِ كمفسدةِ الأذى باللعنة (¬1)، وكذلك العقابُ يتفاوت بحسب تفاوتِ الجرائم، قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]، وذلك دليلٌ على التفاوت في العقاب والثواب بحسب التفاوت في المصالح والمفاسد؛ فإن الخيراتِ مصالحُ، والمفاسدَ شرورٌ.
قال القاضي عياض: قال الإمام - يعني: المازري -: الظاهرُ من الحديث تشبيهُه في الإثم، وهو تشبيهٌ واقع؛ لأن اللعنةَ قطعٌ عن الرحمة، والموتَ قطعٌ عن التصرف.
قال القاضي: وقيل: لعنُه يقتضي قصدَ إخراجه من المسلمين، ومنعَهم منافعَه، وتكثيرَ عددهم به، كما لو قتله، وقيل: لعنُه يقتضي قطعَ منافعه الأُخروية عنه (¬2)، وبُعدَه بإجابة لعنِه، وهو كمن قُتل (¬3) في الدنيا، وقُطعت عنه منافعُه (¬4) فيها، وقيل: معناه: استواؤهما في التحريم (¬5).
وأقول: هذا يحتاج إلى تخليص ونظر.
أما ما حكاه عن الإمام؛ من أن الظاهر من الحديث تشبيهه في الإثم،
¬__________
(¬1) في "ع" و"ج": "باللعن".
(¬2) في "ع" و"ج": "وقيل: لعنه يقتضي قصدَ إخراجه من المسلمين، ومنعهم منافعه الأخروية عنه".
(¬3) في "ج": "لعن".
(¬4) في "ج": "منفعة".
(¬5) انظر: "المعلم" للمازري (1/ 306)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (1/ 390).