وكذلك ما حكاه من أن معناه: استواؤها في التحريم، فهذا يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يقع التشبيهُ والاستواءُ في أصل التحريم والإثم.
والثاني: أن يقع في مقدار الإثم.
فأمَّا الأوّل: فلا ينبغي أن يُحمل عليه؛ لأن كل معصية قلّت أو عَظُمت فهي مشابهةٌ ومساوية للقتل في أصل التحريم، ولا يبقى في الحديث كبيرُ فائدة، مع أن المفهوم منه (¬1) تعظيمُ أمرِ اللعنة بتشبيهها بالقتل.
وأما الثاني: فقد بَيَّنَّا ما فيه من الإشكال؛ وهو التفاوتُ في المفسدة بين إزهاق الروح، وبين (¬2) الأذى باللعنة.
وأما ما حكاه عن الإمام، من أن اللعنةَ قطعُ الرحمة، والموتَ قطعُ التصرف، فالكلام عليه من وجهين:
أحدهما: أن تقول: اللعنةُ قد تُطلق على نفس الإبعاد الذي هو فعلُ الله، وعلى هذا يقع فيه التشبيه.
والثاني: أن تُطلق اللعنة على فعل اللاعنِ (¬3)، وهو طلبُه لذلك الإبعاد، فقوله: لعنه الله - مثلًا - ليس يقطع عن الرحمة بنفسه ما لم تتصلْ به إجابة، فيكون حينئذ سبباً إلى قطع التصرف، ويكون نظيره التسبب إلى القتل، غير أنهما يفترقان في أن التسبب (¬4) إلى القتل بمباشرة مقدمات
¬__________
(¬1) في "م": "من".
(¬2) في "ع" و"ج": "بين".
(¬3) "اللاعن" ليست في "ع" و"ج".
(¬4) في "ع": "أن السبب".