كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 9)

وفهم عن البخاري: أنه نحا ناحيةَ (¬1) تعليقِ الطلاق قبل مِلْك العصمة، أو الحريةِ قبلَ ملكِ الرقبة.
والظاهرُ من قصد البخاري غيرُ هذا، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف أن لا يحملَهم، فلما حملهم، وراجعوه في يمينه، قال: "مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ" (¬2)، فبين أن يمينه إنما انعقدت فيما يملِكُه، فلو حملَهم على ما يملكُه، لكفَّرَ، ولكنه (¬3) حملَهم على مال الله، هذا مع قصده - عليه السلام - من الأول أنه (¬4) لا يحملهم على ما لا (¬5) يملِكُه بقرضٍ (¬6) يتكلَّفُه، ونحوِ ذلك، بهذا لا يكون - عليه السلام - قد حَنِثَ في يمينه (¬7).
وأما قولُه - عليه السلام - عَقيبَ ذلك: "لا أَحْلِفُ يَمِيناً، فَأَرَى غَيْرَها خَيْراً مِنْهَا"، فتأسيسُ قاعدةٍ مبتدأٌ، كأنه يقول: ولو كنتُ [حلفت] حلفاً (¬8) يقتضي الحالُ الحنثَ فيها، لأَحْنَثْتُ نفسي، وكَفَّرْت عن يميني، وأما حلفُ الإنسان فيما لا يملكه؛ كقوله: واللهِ! لا وهبتك هذا الطعامَ، وهو (¬9) لغيره، فملَكَه، فوهَبَه له، فإنه يحنَثُ، ولا يجري فيه الخلافُ الذي جرى (¬10) في
¬__________
(¬1) في "ع": "نحا ناصية"، وفي "ج": "نحا ناحيته".
(¬2) رواه البخاري (6718) عن أبي موسى رضي الله عنه.
(¬3) في "ج": "ولكن".
(¬4) في "ع": "لأنه".
(¬5) "لا" ليست في "ع" و"ج".
(¬6) في "ع": "بقراض".
(¬7) وانظر: "المتواري" لابن المنير (ص: 227).
(¬8) "حلفاً" ليست في "ع" و"ج".
(¬9) في "ع": "ولو".
(¬10) "جرى" ليست في "ع".

الصفحة 493