كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 9)

(كنتُ لكِ كأبي زرعٍ لأُمِّ زرعٍ (¬1)): تقدم أن "كان" لا يدل على الانقطاع، ولا على الدوام، فليس في هذا الكلام ما يقتضي انقطاعَ هذه الصفة، فلا حاجةَ إلى دعوى زيادة "كان"، وأن المعنى: أنا لك.
قال -عليه الصلاة والسلام- ذلك؛ تطييبًا لقلب عائشة، ومبالغةً في حسن معاشرتها.
وورد في (¬2) حديث: "غَيْرَ أَنِّي لا أُطَلِّقُكِ" (¬3) فاستثنى الحالةَ المكروهة، وهي ما وقعَ من تطليق أبي زرع.
قال القاضي: وقد وردَ في رواية أبي معاوية الضرير ما يدل على أن الطلاق [لم يكن] من قبل أبي زرع واختياره، فإنه قال: "لم تَزَلْ بِهِ أُمُّ زَرْعٍ حَتَّى طَلَّقَهَا".
وفي رواية: "قالت عائشة: بأبي أنتَ وأمي، بل أنتَ [خيرٌ لي من أَبي زرع" (¬4)، وهو جواب مثلها في فضلها وعلمها؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما أخبرها] (¬5) بكمال منزلتها عنده، أخبرته هي بأنه عندها أفضلُ وأحبُّ (¬6).
¬__________
(¬1) "لأم زرع" ليست في "ع" و"ج".
(¬2) في "ج": "وورودك".
(¬3) رواه بهذه الزيادة: الزبير بن بكار، والخطيب، كما قال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (1/ 392). قلت: رواه الخطيب في "الفصل للوصل المدرج" (1/ 247).
(¬4) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (9139).
(¬5) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(¬6) وانظر: "التنقيح" (3/ 1056)، و"التوضيح" (24/ 603).

الصفحة 60