كتاب مصابيح الجامع (اسم الجزء: 9)

ينحصر في خوف العقوبة، فلما علموا أنه -عليه السلام- مغفورٌ له، ظنوا أن لا خوفَ، وحملوا قلَّة العبادة على ذلك، فرد -عليه السلام- ذلك، وبين أن خوفَ الإجلال أعظمُ من [خوف العقوبة، وأبعثُ على العبادة، وحقق لهم أن الدوامَ أعظمُ من] (¬1) الإكثار المحقَّق؛ لأن الدائم -وإن قل- أكثرُ من الكثير إذا انقطع.
وفيه دليل على صحة مذهب القاضي حيث يقول: لو أوجب الله شيئًا، لوجبَ، وإن لم يتوعَّدْ بعقوبة على تركه، وهو مقامُ الرسول -عليه الصلاة والسلام- التعبدُ على الشكر، وعلى الإجلال، لا على خوف العقوبة؛ فإنه منه في عصمة، وقد تقدم فيه كلام.
* * *

باب: قَولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن اسْتَطاعَ البَاءَةَ فليتزوَّجْ فإنَّه أغضُّ للبَصَرِ وأحصنُ للفَرجِ" وهَلْ يتَزوَّجُ مَنْ لَا أرَبَ لهُ في النِّكَاحِ؟
2434 - (5065) - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَخَلَوَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا تُذَكِّرُكَ مَا كنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَة إِلَى هَذَا، أَشَارَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا عَلْقَمَةُ! فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، وَهْوَ يَقُولُ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ
¬__________
(¬1) ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".

الصفحة 8