كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 9)

وفيه نظر؛ فان المراد هنا بإتيان ثلاثتهم وأربعتهم تجريدهم عن الانضياف إلى الغير , بمنزلة قولهم منفردين , وبهذا المعني يحسن دخول اثنيهما قياسا , كقوله {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} لما أراد التحريد , وقوله تعالى {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} لما أراد مجرد الاثنية.
وقوله ويجعله التميميون توكيدا أي يتبعون ذلك لما قبله في الإعراب , فيقولون: قام القوم ثلاثتهم , بالرفع , ورأيت القوم ثلاثتهم , بالنصب , ومررت بالقوم ثلاثتهم , بالجر , وإذا أرادوا معني الانفراد بالمرور لم يقولوا الا: وحدهم , نحو مررت بالقوم وحدهم.
والفرق بين النصب والإتباع أنك إذا نصبت كان التقدير أن المرور مقيد بهم خمسة , أما تقييد الحال علي مذهب س , وأما تقييد الظرف علي مذهب غيره , فلو مر بغيرهم معهم كانوا أكثر من خمسة إذا قلت: مررت بالقوم خمستهم , وإذا أتبعت جاز أن تكون مررت بغيرهم , وجاز أن تكون مررت بهم خاصة.
وقال بعض شراح الكتاب: «إذا نصبت فعلي الحال, كأنك قلت: مررت بهم في حال أنهم ثلاثة , فمحال علي هذا أن يكون معهم غيرهم , وإلا فيكون الكلام كذبا , فالحال اقتضت هذا المعني.
وأما الجر فعلي معني أنك مررت بالثلاثة كلهم ولا يقضي هذا أن يكون معهم غيرهم؛ لأنه إذا كان معهم غيرهم صح أن تقول: مررت بالثلاثة كلهم , ولا يكون كذبا , فلهذا فرق النحويون بينهما , أي: بين النصب والجر.

الصفحة 40