كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 9)

ومن ذلك قولهم: ما أحسن هندا متجردة، فيجب تأخير هذه الحال عن صاحبها، فلا يجوز: ما أحسن متجردة هندا، وفيه خلاف سيأتي في باب التعجب.
ومما عرض فيه مانع من التأخير عند قوم فخرج عن الأصل اقتران ذي الحال بإلا، مثاله: ما قام مسرعا إلا زيد، أنشد الأخفش:
وليس محيرا إن أتي الحي خائف ... ولا قائلا إلا هو المتعيبا
ثم قال: فإن هذا ليس بحسن، وهو كلام يجوز في الشعر. وهو مثل: ما أكل إلا زيد الخبز، وما ضرب إلا عمرو زيدا، لا تريد به: ما أكل الخبر إلا زيد، وما ضرب زيدا إلا عمرو، ولكنك تضمر الفعل بعد المستثني علي قبحه، وإنما قبح لأن المخاطب إذا سمع «ما شرب إلا عمرو» ووضعه علي فعل لم يتعد إلي مفعول، فإذا ما هو؛ لأن «ما هو» في موضع المفعول.
ولو جئت بعده. بما لا يغير العمل لجاز، نحو: ما ضربني إلا أبوك منهم؛ لأن «منهم» شيء زدت به المخاطب علما، ولم تفسد شيئا من العمل الذي مضي في أصل كلامك.

وكذا لو جئت بالحال أو الظرف لجاز؛ لأن الظرف والحال يعمل فيهما الفعل المتعدي وغير المتعدي، وذلك أنك لو قلت: ما جلس إلا زيد عندك، وما جاء إلا زيد راكبا، وما جاء أمه الله راكبة -جاز، وليس شيء من هذا كان متقدماً.

الصفحة 67