كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 9)

وإن لم يعلم واحد منهم بعدالة الآخر حتى عقد العقد وجهان:
أحدهما: باطل.
والثاني: جائز بناء على اختلاف الوجهين في الوكيل إذا عقد بعد عزل موكله قبل علمه.
فصل:
فلو أن هذا الولي الفاسق وكل وكيلًا عدلًا كانت وكالته باطله؛ لأن الفسق قد زالت عنه الولاية فلم يصح منه الوكالة ولكن لو كان الولي عدلًا فوكل وكيلًا فاسقًا ففيه ثلاثة أوجه:
أحدهما: لا يجوز لأنه أبطل الفسقه ولاية الولي مع قوتها كانت أولى أن يبطل ولاية الوكيل مع ضعفها.
والثاني: يجوز ويصح عقده لأنه مأمور والولي من ورائه لاستدراك ذلك.
والثالث: أنه إن كان وكيلًا لولي غيرها على النكاح كالأب بطلت وكالته بفسقه لأنه لا يلزمه استئذانه فصارت ولاية تفويض, وإن كان وكيلًا لمن لا يجبرها على النكاح صحت وكالته لأنه لا يعقد إلا عن استئذانها.
فرع:
فلو كان الولي أعمى ففي صحة ولايته وجواز عقده وجهان:
أحدهما: وهو قول ابن أبي هريرة لا تصح ولايته؛ لأن العمى يمنعه من طلب الحظ لوليته.
والثاني: أن ولايته ثابتة وعقده صحيح؛ لأن شعيب زوج موسى بابنته وكان ضريرًا, ولأنه قد يصل إلى معرفة الحظ بالبحث والسؤال, لأن معرفة الحظ لا توصل إليه بالمشاهدة والعيان, فإن قيل بهذا الوجه صح عقده وتوكيله, وإن قيل بالوجه الأول: إنه لا يصح عقده فهل يصح توكيله فيه أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يصح توكيله لأنه لما لم تصح منه مباشرته كان بأن لا تصح عنه الاستنابة أولى.
الثاني: يصح منه التوكيل فيه وإن لم تصح منه المباشرة له بنفسه كبيعه وشرائه لا يصح منه أن يتولاه بنفسه ويصح أن يوكل فيه.
فرع:
فلو كان الولي أخرسًا ففي صحة ولايته وجواز عقده وجهان:
أحدهما: أن ولايته باقية وعقده صحيح لأنه قد يصل إلى معرفة الخط وقد تقوم إشارته فيه مقام النطق كما يقوم مقامه في حق نفسه فعلى هذا يصح منه أن يتولاه بنفسه وأن يوكل.

الصفحة 59