كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 9)

والثاني: أن يكونا عدلين في الظاهر دون الباطن معقد النكاح بهما صحيح لعدالة ظاهرهما لكن إثباته عند الحكام لا يصح إلا باستبراء عدالة باطنهما فيكشف عن عدالة الباطن وقت الأداء لا وقت العقد, فإن صحت للحاكم حكم بشهادتهما في الأداء, وإن لم تصح لم يحكم بشهادتهما في الأداء.
والنكاح على حاله من الصحة ما لم يظهر منهما تقدم الفسق.
والثالث: أن يكونا فاسقين فالعقد باطل فلو ظهرت عدالتهما بعد العقد مع تقدم الفسق وقت العقد كان العقد على فساده.
والرابع: أن يكونا مجهولي الحال لا يعرف فيهما عدالة ولا فسق فهما على ظاهر العدالة والنكاح بهما جائز, لأن الأصل العدالة والفسق طارئ وهو معنى قول الشافعي: والشهود على العدل حتى يعلم الحرج يوم وقع النكاح وإذا صح العقد بهما مع الجهالة بحالهما لم يحكم الحاكم بهما من إثبات العقد عنده إلا بعد استبراء حالهما في الظاهر والباطن, فإذا استبرأهما لم يخل حالهما بعد الاستبراء من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يتبين له عدالة ظاهرهما وباطنهما فيحكم بها في صحة العقد وفي ثبوته.
والثاني: أن يتبين له عدالة ظاهرهما دون باطنهما فلا يحكم بهما في ثبوت العقد فإن شهد بعقد النكاح بهما شاهدًا عدل حكم حينئذ بثبوت العقد وصحته فيكون صحة العقد بهما بعدالة ظاهرهما وثبوته بشهادة غيرهما.
والثالث: أن يتبين له فسقهما فلا يخلو حال الفسق من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يتبين له وجود الفسق وقت العقد فالنكاح باطل.
والثاني: أن يتبين له حدوث الفسق بعد العقد فالعقد على الصحة ولا يفسد بحدوث فسقهما لكن لا يحكم بثبوته عنده إلا أن يشهد به عدلان أنه عقد بهما فيحكم حينئذ بثبوته, فإن قيل: فكيف يشهد بعقد النكاح بهما عدلان غيرهما؟ ولو حضره عدلان غيرهما لاستغنى بهما عن غيرهما, قيل: قد يجوز أن يقر الزوجان عند عدلين أنهما عقدا النكاح بهذين.
والثالث: أن يتبين له فسقهما في الحال ولا يعلم تقدمه ولا حدوثه والنكاح على الصحة لا يحكم بفساده لجواز حدوث الفسق مع سلامة الظاهر وقت العقد وهو معنى قول الشافعي: " حتى يعلم الجرح وقت العقد" وإذا لم يحكم بفساده لم يحكم بإثباته إلا بشهادة غيرهما.
فرع:
فإذا أقر الزوجان عند الحاكم أنهما عقد النكاح بولي مرشد وشاهدي عدل حكم

الصفحة 61