كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 9)

كان بعد الدخول بها فقد استكملته وإن كان قبل الدخول بها ملك بالطلاق نصف الصداق. فإن لم تكن الزوجة قبضت صداقها بريء الزوج من نصفه وبريء السيد من ضمان هذا النصف؛ لأن براءة المضمون عنه توجب المرأة الضامن وبقي للزوجة نصف الصداق على العبد وعلى السيد ضمانه. وإن كانت هذه الزوجة المطلقة قبل الدخول قد قبضت صداقها رجع عليها نصفه, ثم لا يخلو حال المطلق من أحد أمرين, وإما أن يكون باقيًا على ملك سيده عند طلاقه أو قد زال ملكه عنه فإن كان باقيًا على ملكه فالسيد هو الراجع عليها بنصف الصداق؛ لأنه من كسب عبده بالطلاق واكتساب العبد لسيده وإن كان ملك السيد قد زال عنه بعتقه أو بيع ففي مستحق هذا النصف من الصداق وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي حامد الإسفراييني أنه يستحق العبد إن كان قد أعتق أو مشتريه إن كان قد بيع ولا حق فيه لسيده الدافع له, لأن نصف الصداق كسب ما ملك بالطلاق والطلاق لم يكن في ملك السيد فلم يستحق ما ملك به بعد زوال ملكه وجرى ذلك مجرى الأب يزوج ابنه الصغير على صداق يدفعه الأب من ماله ثم يطلق الابن عند البلوغ قبل الدخول بزوجته فيملك الابن نصف الصداق, ولا يعود إلى الأب وإن دفعه من ماله.
والثاني: قاله أبو بكر بن الحداد في "فروعه" أنه يكون للسيد؛ لأن الصداق ماله ما رجع منه بالطلاق عاد إليه وإن زال ملكه عن العبد, وذهب إلى هذا بعض المتأخرين من أصحابنا أيضًا, وفرق بين الأب إذا دفع الصداق عن ابنه وبين السيد إذا دفعه عن عبده, بأن الابن يملك فكان دفع الأب تمليك له, ثم قضاء للصداق عنه, فإذا أطلق الابن قبل الدخول عاد نصف الصداق إليه لسابق ملكه, وليس كالعبد؛ لأنه لا يملك فلم يمكن دفع الصداق عنه تمليكًا له فإذا طلق قبل الدخول لم يملك ما لم يجبر له عليه ملك وسواء دفع السيد الصداق من ماله أو دفعه العبد من كسبه؛ لأن كسبه مال لسيده والأول أصح الوجهين وأولاهما.
مسألة:
قال الشافعي: "فإن باعها زوجها قبل الدخول بتلك الألف بعينها فالبيع باطل من قبل أن عقده البيع والفسخ وقعا معًا".
قال في الحاوي: وهذا كما قال إذا ضمن السيد عن عبده صداق زوجته وهو ألف, ثم ابتاعت زوجها من سيده بألف فهذا على ضربين:
أحدهما: أن تبتاعه بألف في ذمتها.
والثاني: أن تبتاعه بالألف التي هي صداقها, فإن ابتاعته بألف في ذمتها فقد ذكره

الصفحة 77