كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 9)

ولأن (ولي) الأختين المتناسبتين واحد وولاية الأخوين المتناسبتين واحد، فلما لم يملك الابن تزويج خالته لم يملك تزويج أمة ولما لم يملك أخوة لأبية تزويج أمة لم يملك هو تزويج أمة. ويتحرر من الاعتلال: قياسان:
أحدهما: أن من لم يملك تزويج امرأة لم يملك تزويج أختها المناسبة لها قياسا على ابن البنت طردا، وعلى ابن العم عكسًا.
والثاني: أنها امرأة لا تملك أخوة المناسب له تزويجها فلم يملك هو تزويجها كالخالة طردا وكالعمة عكسا، ولأن كل موضع الولاية بالنسب أن يكون على الولد فلم يجز أن يصير للولد قياسا على ولاية المال، ولأن ولايته على نكاحها لا يخلو أن يكون لإدلائه بها أو بأبية، فلم يجز أن يكون لإدلائه بأبية؛ لأن أباة أجنبي منها، ولم يجز أن تكون لإدلائه بها؛ لأنة لا ولاية لها على نفسها، فأولى أن يكون لها ولاية لمن أدلى بها. وإذا بطل الإدلاء بالسببين بطلت الولاية. فإن قيل: فغير منكر أن يكون لمن أدلى بها من ولاية النكاح ما ليس لها كالأب يزوج أمة بنته إدلاء بها وليس للبنت تزويجها. قيل: لم يزوجها الأب أداء بالبنت؛ لأن الإدلاء إنما يكون من الأسفل إلى الأعلى، ولا يكون من الأعلى بالأسفل، وإنما زوجها لأنة لما كان وليا على بنته، فأولى أن يكون وليا على بنته؛ لأن الولاية إذا أثبتت على الأقوى فأولى أن تثبت على الأضعف. فأما الجواب عن تزويج أم سلمه فمن ثلاثة أوجه:
أحدها: أب ابنها زوجها. لأنه كان مع النبوة مناسبًا لها، لأن عمر بن أبى سلمه بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فكان من بني عمها يجتمعان في عبد الله بن عمر بن مخزوم.
قال أحمد بن حنبل: فكان أقرب عصباتها الحاضرين فزوجها بتعصيب النسب لا بالنبوة.
والجواب الثاني: أن قوله صلى الله عليه وسلم "قم فزوج أمك" أي فجئني بمن يزوج أمك أمرين:
أحدهما: أن أم سلمه قالت: يا رسول الله مالي ولى حاضر، فأقرها على هذا القول، فدل على أنه لم يكن وليًا.
والثاني: أن كان غير بالغ، قيل: إن كان ابن ست سنين، وقيل: ابن سبع سنين، فدل بهذين الأمرين على أن أمرة بالتزويج إنما كان أمرا بإحضار من يتولى التزويج.
والجواب الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم مخصوص في مناكحة بأن يتزوج بغير ولي، فأمر ابنها بذلك استطابه لنفسه لا تصحيحا للعقد، على أن راوي هذا اللفظ إنما هو ثابت عن عمر بن أبى وثابت لم يلق عمر فكان منقطعًا. وأما أنس بن مالك فكان من عصبات أمة فزوجها بتعصيب النسب لا بالبنوة.
وأما الجواب عن قياسه بأن عصبة كالأب فهو أن الابن عصبة في الميراث ليس

الصفحة 93