واستيحاشٍ بما نابهم فيها، وإن كان لا سبب لهم في ذلك (¬1).
وجواب آخر: أنه أمرهم بالتحول منها خشية أن يعاد لهم الامتحان فيعودوا إلى التطير، ومن هذا القبيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُوْرَدَنَّ مُمْرِضٌ عَلى مُصِحٍّ" (¬2).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرارَكَ مِنَ الأَسَدِ" (¬3).
إنما نهى عن الإيراد، وأمر بالفرار خشيةً من الوقوع في الطيرة لا أمرًا بها (¬4).
وقد تقدم الكلام على ذلك في: النهي عن التشبه بنمرود وقومه؛ فافهم!
* تَنْبِيهٌ:
ما ذكرناه عن الجاهلية من التطير كان هو الغالب عليهم، وربما كان فيهم من لا يتطير، وكانوا ربما مدحوا على ترك الطيرة كما قال قائلهم - وهو الأعشى - يمدح رجلًا: [من الطويل]
وَلَيْسَ بِمُرْتابٍ إِذا شَدَّ رَحْلَهُ ... يَقُولُ عَدانِي الْيَوْمَ واقٍ وَحاتِمُ
¬__________
(¬1) انظر: "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة (ص: 105 - 156).
(¬2) تقدم تخريجه.
(¬3) تقدم تخريجه.
(¬4) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (10/ 161).