وهو وَهْمٌ (¬1) كما قال أبو أحمد الحاكم في "الكنى"؛ لأن الأسود قتل في عهد أبي بكر رضي الله تعالى عنه سنة إحدى عشرة (¬2).
وأما ما رواه أبو نعيم في "المعرفة" عن معاذ بن عمرو بن الجموح: أن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه حزَّ رأس أبي جهل، وجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3)، وما رواه البيهقي عن علي رضي الله تعالى عنه قال: جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأس مرحب (¬4)، فليس فيها أنه حمل من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام كما قال البيهقي (¬5).
¬__________
(¬1) قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/ 1265): لم يتابع ضمرة - أحد رواة الحديث - على هذا الحديث، وأهل العلم لا يختلفون أن الأسود العنسي الكذاب المتنبي بصنعاء قتل في سنة إحدى عشرة، ومنهم من يقول: في خلافة أبى بكر الصديق - رضي الله عنه -، وليس ذلك عندي بشيء، والصحيح أنه قتل قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتاه خبره وهو مريض مرضه الذي مات منه، ولا خلف أن فيروز الديلمي ممن قتل الأسود العنسي.
وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام" (5/ 388): رجال إسناده ثقات، ولا يصاخ إلى توهم الخطأ على أحد منهم إلا بحجة، ويحتمل أن يكون معناه أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قاصداً إليه، وافداً عليه، مبادراً بالتبشير بالفتح، فصادفه قد مات.
(¬2) انظر: "البدر المنير" لابن الملقن (9/ 109).
(¬3) ورواه النسائي في "السنن الكبرى" (8668)، والطبراني في "المعجم الكبير" (8474) عن عمرو بن ميمون.
(¬4) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/ 132).
(¬5) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (9/ 133) لكن بعد روايته لحديث: "من جاء برأس فله على الله ما تمنى" وسيأتي.