كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 9)

مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] (¬1).
وكانت الحمس يقولون: لا تعظِّموا شيئاً من الحل، ولا تجاوزوا الحرم في الحج، وقصروا عن مناسك الحج والموقف من عرفة وهو من الحل، فلم يكونوا يقفون ولا يفيضون منه، وجعلوا موقفهم في طرف الحرم، من نَمِرة بمفضى المَأْزمين، يقفون به عشية عرفة، ويظلون به يوم عرفة في الأراك من نمرة، ويفيضون منه إلى المزدلفة (¬2).
وقد أمر الله تعالى بمخالفتهم في ذلك، فأمر بالوقوف بعرفة والإفاضة منها، فقال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 198، 199].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الْحَجُّ عَرَفةُ". رواه الإمام أحمد، وأصحاب السنن (¬3).
وكانت الحلة يدفعون من عرفة والخمس من أطراف الحرم إذا
¬__________
(¬1) رواه الحاكم في "المستدرك" (1777) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(¬2) انظر: "أخبار مكة" للأزرقي (1/ 180).
(¬3) رواه الإمام أحمد في "المسند" (4/ 309)، وأبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (3016)، وابن ماجه (3015) عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي - رضي الله عنه -.

الصفحة 30