كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 9)

سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بجَمْع بعد ما صلى الصبح وقف فقال: إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس [ويقولون]: أشرق ثبير، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالفهم، فأفاض قبل طلوع الشمس (¬1).

47 - وكان من عادة الجاهلية: ما يتفق الآن من جهلة الناس وعامتهم من سرعة السير، والإيضاع (¬2)، والازدحام عند الدفع من عرفات، والشريعة جاءت بالسكينة في السير.
وصحح الحاكم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إنما بدء الإيضاع من أهل البادية؛ كانوا يقفون حافتي الناس قد علقوا القباب والعصي، فإذا أفاضوا تقعقعوا، فأنفرت الناس، فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن ظفري ناقته لا يمس الأرض، وهو يقول: "يا أيُّها النَّاسُ! عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ" (¬3).
وفي "صحيح البخاري" عنه: أنه دفع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه زجراً شديداً، وضرباً للإبل، فأشار بسوط إليهم، وقال: "يا أيُّها النَّاسُ! عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ؛ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالإِيضاعِ" (¬4).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (1600)، وأبو داود (1938)، والترمذي (896)، والنسائي (3047)، وابن ماجه (3022).
(¬2) الإيضاع: أن يعدي بعيره ويحمله على العدو الحثيث.
(¬3) رواه الحاكم في "المستدرك " (1710).
(¬4) رواه البخاري (1587).

الصفحة 32