كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 9)

وليس لعاقل أن يلحق نفسه بهؤلاء لا في هذا الخلق، ولا في غيره من أخلاق الأنذال والأوباش.
وفي "الحلية" لأبي نعيم: قيل لأبي عبد الله - يعني: السجزي - رحمه الله تعالى: ما يدفعك عن لبس المرقعة؟
فقال: من النفاق أن تلبس لباس الفتيان، ولا تدخل في حَمَلة أثقال الفتوة، فما يلبس لباس الفتيان من يقدر على حمل أثقال الفتوة.
فقيل له: وما الفتوة؟
قال: رؤية أعذار الخلق وتقصيرك، وتمامهم ونقصانك، والشفقة على الخلق برهم وفاجرهم، وكمال الفتوة هو أن لا يشغلك الخلق عن الله تعالى (¬1).
وروى السلمي عن شاه الكرماني رحمه الله تعالى قال: الفتوة من طباع الأحرار، واللؤم من شِيَم الأنذال (¬2).
وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري في "رسالته": أصل الفتوة أن يكون العبد أبدًا ساعيًا في أمر غيره (¬3)؛ أي: موافقًا في ذلك للشرع.
ثمّ أسند حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه، عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَزالُ اللهُ تَعالَى فِي حاجَةِ
¬__________
(¬1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (10/ 351).
(¬2) رواه السلمي في "طبقات الصوفية" (ص: 157).
(¬3) انظر: "الرسالة القشيرية" (ص: 260).

الصفحة 522