كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 9)

وسئل الجنيد رحمه الله تعالى عن الفتوة، فقال: لا تنافي فقيرًا، ولا تعارض غنيًا.
قال: وقال محمّد بن علي التّرمذيّ يرحمه الله تعالى: الفتوة أن يستوي عندك المقيم والطارئ (¬1)؛ يعني: في المعاشرة، والإكرام، ونحوهما، وفي عدم الالتفات إلى أحد منهما في فعل أو ترك، فيكون إشارة إلى الإخلاص والصدق ... (¬2).
في معنى ما نقله أيضًا عن النصرأباذي: لمروءة شعبة من الفتوة، وهو الإعراض عن الكونين، والأَنفَة منهم؛ يعني: شغلًا بالله تعالى، وفناءً في حبه، وارتباطًا بأوامره.
وقيل: الفتوة إظهار النعمة، وإسرار المحنة. نقله التستري (¬3).
وقال رحمه الله تعالى: واعلم أن من الفتوة الستر على عيوب الأصدقاء؛ لاسيما إذا كان لهم فيه شماتة الأعداء (¬4). [من المتقارب]
رَأَيْتُ الفَتَى مَنْ يُغَطِّي الزَّلَلْ ... وَيَرْفُو مِنَ الأَصْدِقاءِ الْخَلَلْ
¬__________
(¬1) انظر: "الرسالة القشيرية" (ص: 262)، وعندها "لا تنافر".
(¬2) بياض في "أ" بمقدار كلمة.
(¬3) انظر: "الرسالة القشيرية" (ص: 262)، و"مدارج السالكين" لابن القيم (2/ 342).
(¬4) انظر: "الرسالة القشيرية" (ص: 265).

الصفحة 524