كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 9)

وقال فرعون: {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27].
وقالت قريش عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنّه سَفَّه أحلامهم، وصَبَأ عن دينهم.
وقالوا: ساحر وشاعر ومجنون.
وسمَّوه صابئًا، ومذممًا، وابن أبي كبشة.
وقال أهل الكتابين: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} [البقرة: 135] وقال المنافقون: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 13].
{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14].
ثمّ صارت هذه السُّنَّة في هذه الأُمَّة إلى الآن؛ ما ظهر منها ظاهر بحق يدعو إلى الله على بصيرة بطريق الوراثة عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يأمر بسنة وينهى عن مخالفة شريعته، إِلَّا ابتلي بسفيه يسفِّه رأيه، ويقبِّح طريقه؛ ولا حول ولا قوة إِلَّا بالله.

* تَنْبِيهٌ:
وظيفة العدل الرشيد مع السفيه أمور:
الأوّل: أن لا يتشبه بالسفهاء.
ومتى رغبت عن حال الراشدين التحقت بالسفهاء؛ ألَّا ترى قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: 130]؟
الثّاني: أن تأخذ على يد السفيه، وتنكر عليه وتنهاه، إِلَّا عند خوف الفتنة أو الضرر؛ فإن التغافل عن السفهاء ربما أدى إلى هلاك العامة.

الصفحة 536