كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 9)

59 - ومن عوائدهم وأحكامهم - وهو من تهاونهم بما كان عليه صالحوا آبائهم من التمسك بملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام من تعظيم الحرم، والإحرام بالنسك -: قتل الصيد بالحرم وهم محرمون، وكان ذلك معروفاً فيهم كما قال قائلهم: [من البسيط]
وَالْمؤمِنُ العائدات الطَّيْرِ يَمْسَحُها ... رُكْبانُ مَكَّةَ بَيْنَ الضال وَالسَّنَدِ
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة: 95].
قال أبو ذر رضي الله تعالى عنه في قوله: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} [المائدة: 95] قال: عفا كان في الجاهلية؛ أي: من قتل المحرم الصيد.
قال: {وَمَنْ عَادَ} في الإسلام {فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95]، وعليه مع ذلك الكفارة. أخرجه ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ (¬1).
وقيل: المعنى: عفا الله عما سلف منكم من ذلك في الإسلام
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (4/ 1209) دون قوله: "وعليه مع ذلك الكفارة".

الصفحة 55