كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 9)

وأشار ابن عبد ربه في "العقد" إلى أن الغوغاء سواد الناس؛ أي: معظمهم من أصحاب التجارات، والحرف، والصنائع، والبطَّالين.
قال: وذكر عند ابن عباس الغوغاء فقال: ما اجتمعوا قط إلا ضروا، ولا افترقوا إلا نفعوا.
قيل له: قد علمنا ضرر اجتماعهم، فما نفع افتراقهم؟
قال: يذهب الحجام إلى دكانه، والحداد إلى كياره، وكل صانع إلى صناعته.
قال: ونظر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى قوم يتبعون رجلاً أخذ في ريبة، فقال: لا مرحبًا بهذه الوجوه التي لا ترى إلا في شر.
قال: وقال حبيب بن أوس الطائي [من الكامل]:
إِنْ شِئْتَ أَنْ يَسوَدَّ ظَنُّكَ كُلُّهُ ... فَأَجِلْهِ فِي هَذا السَّوادِ الأَعْظَمِ
وقال دعبل [من البسيط]:
ما أَكْثَرَ النَّاسَ لا بَلْ ما أَقَلَّهَمُ ... وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّي لَمْ أَقُلْ فَنَدا
إِنَّي لأُطْبِقُ عَيْنِي ثُمَّ أَفْتَحُها ... عَلى كثِيرٍ وَلَكِنْ لا أَرَى أَحَدا (¬1)
وسيأتي في التشبه بالبهائم والحيوانات لذلك مزيد بيان.
¬__________
(¬1) انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (2/ 141).

الصفحة 552