كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 9)

فقالت عائشة: لم يحفظ أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنه دخل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: "قاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ يَقُولُونَ: الشُّؤْمُ فِي ثَلاثَةٍ؛ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ"، فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله (¬1) (¬2).
وقد تقدم أن الطيرة من أخلاق اليهود والنصارى (¬3).
وأما حديث أنس - رضي الله عنه -: فأجاب عنه ابن قتيبة: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرهم بالتحول من الدار لأنهم كانوا مقيمين فيها على استثقال ظلها
¬__________
(¬1) رواه الطيالسي في "المسند" (1537).
(¬2) وهناك من العلماء من رجح حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وقدمه على نفي عائشة رضي الله عنها، لأنه مثبت وهو مقدم على النافي، إضافة لاعتضاده بأحاديث صحيحة أخرى، وفي الحديثين أقوال أخرى وكلام كثير. انظر: "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (2/ 249)، وقد بسط الكلام على هذه المسألة ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (2/ 253).
(¬3) قال القاضي الماوردي: قال بعض العلماء: الجامع لهذه الفصول السابقة في الأحاديث ثلاثة أقسام:
أحدها: ما لم يقع الضرر به، ولا اطردت عادة خاصة ولا عامة، فهذا لا يلتفت إليه، وأنكر الشرع الالتفات إليه، وهو الطيرة.
والثاني: ما يقع عنده الضرر عمومًا لا يخصه، ونادرًا لا متكررًا كالوباء، فلا يقدم عليه، ولا يخرج منه.
والثالث: ما يخص ولا يعم؛ كالدار والفرس والمرأة، فهذا يباح الفرار منه. والله أعلم. انظر: "شرح مسلم" للنووي (14/ 220).

الصفحة 99